أقف مع الجميع إعجاباً للعالمة السعودية د. خولة الكريع وأنقل إليها تهنئة التشكيليين في كل مناطق المملكة على ما حظيت به وتستحقه من تكريم على أعلى مستوى، هذه الرائعة علماً وخلقاً قالت ما يجب أن يقوله الصادقون مع إبداعهم أياً كان هذا الإبداع والعطاء عند سؤالها عن طموحها القادم مع ما حققته من أعلى درجات النجاح، هل تطمح أن تكون وزيرة للصحة..؟ فكانت الإجابة أبلغ وأسمى حين قالت: لو عرضت عليّ وزارة الصحّة فلن أقبل بها، لسبب بسيط وهو أنني أجد نفسي بين أبحاثي وفي مختبري.
لا أعتقد أن هناك تفسيراً لهذه الإجابة غير الوفاء لتخصصها وللمكان والأدوات التي شاركتها النجاح، فهذه الأماكن والأدوات أقرب إليها من أي منصب، ندعو لعالمتنا بالتوفيق والسداد. مشيرين إلى أن الوصول لمنصب الوزير أمر يطمح إليه الجميع لكن.. (كم من منزل في الأرض يألفه الفتى.. وحنينه أبداً لأول منزل).
كتب القص واللصق
علق أحد التشكيليين على بعض الكتب التي تصدر عن الفن التشكيلي بعبارة (قص ولصق) بمعنى أنها معلومات تجمع من هنا وهناك ويؤلف منها جامعها كتاباً يطرح في الأسواق أو يقدمه إهداءات لأصدقائه مذيلاً باسمه يسبقه كلمة تأليف، مع أن الأفضل أن يكتب إعداد وهي الصفة الصحيحة لمثل هذه الكتب فالتأليف يعني أن يمزج الكاتب ما يكتبه بخبرات ومعرفة ومتابعة ورأي فيما يكتب ويضيف جديداً على مادة الكتاب أو الصور.
هذه الظاهرة تسببت في كثير من المغالطات في الأسماء والأساليب والمؤهلات لرصدها مسيرة من جمعت المعلومات عنهم من مصادر غير موثقة، ومع ذلك يمكن غض الطرف عنها عسى أن نرى يوماً ما إصداراً أكثر عمقاً ووصولاً إلى قراءة أبعاد الفكرة واستخراج النص المقروء من الشكل المرئي في اللوحة، كما نحتاج إلى تحليلات عائدة من متابعة دقيقة ومتواصلة بالفنانين لا أن يعتمد الكاتب أو المؤلف فقط على ما يراه من لوحات لا زال الكثير منها يندرج في حيز التجربة الأولى لمجرد التسويق والكسب من وراء مثل هذه الكتب.
مواهب الطلاب والخطوط الحمراء
لا زالت التربية الفنية في مدارسنا تحاصر بالكثير من المعوقات مما أدى إلى قتل المواهب المبدعة في هذه المادة الهامة في تكامل بناء الفرد والتي تختص بالارتقاء بذائقته وتنمية مهاراته الذهنية واليدوية وتتيح له التعبير عن مكنوناته الوجدانية عبر الألوان والخطوط، وإذا نظرنا إلى تلك المعوقات لوجدناها تنقسم إلى قسمين الأول افتقار المدارس للمراسم وورش الإبداع الفني ونقص ميزانيات المادة، أما الجانب الثاني فهو في من يهول ما تبدعه أيدي التلامذة ويصفها بما ليس فيها من تحريم أو تشكيك في عدم نفعها، وهنا تكمن المصيبة في اجتماع هذين الأمرين فقد يفقدا التلميذ جزءاً من شخصيته وتصبح نظرته للحياة ولجمالها نظرة سوداوية تجاه ما حباها الله من نعمة الجمال والتمتع به والتفاعل معه دون إفراط أو تفريط.
تفاعل غير مستغرب
رغم ما حدث لزاويتي السابقة التي حملت عنوان (حتى لا يتهم التشكيليين بالاستجداء)من تسابق في بعض الأحرف وسقوط بعضها إلا أن الرسالة وصلت وتلقيت بعدها الكثير من الاتصالات والإيميلات من التشكيليين المؤيدين لأن يكون ريع الأعمال التشكيلية المقدمة في معارض خيرية كاملاً للمستهدفين بها بعيداً عن اقتطاع أي نسب منها، مشيرين إلى أن مثل هذا التصرف بأن يقتطع جزء من ثمن العمل الفني يعد عيباً على التشكيليين وصفة أو سمعة لا تتناسب مع ما عرف عن أبناء المجتمع السعودي الذي لا تعلم يمينه ما تقدمه شماله، متفقين مع ما قاله أحد المسؤولين في إحدى الجمعيات الخيرية أنهم لا يقتنون إلا ما يقدم كامل ريعه للجمعية، إضافة إلى استشهاد كثير من التشكيليين بأن كثيراً من رجال الأعمال قد أبدوا استعدادهم لاقتناء الأعمال التشكيلية التي سيكون ثمنها كاملاً لأي من الجمعيات الخيرية.
هذا التعامل من بعض التشكيليين مع العمل الخيري يشبه من يدل فقيراً على باب غني ومن ثم يقتسم ما دفع له من صدقة. ومع ذلك نؤكد ونكرر التأكيد أن التشكيليين على استعداد لتقديم أعمالهم لأي معرض يوجه لهم الدعوة للمشاركة فيه يكون ريعه لأي من الجمعيات الخيرية على أن تقوم الجمعية بهذه الدعوة بعيداً عمن يبحث عن أجر الدنيا وينسى أجر الآخرة.
monif@hotmail.com