ليغمض قارئ هذه المقالة عينيه، وليتخيل أن قطاعاً معيناً أرسل إليه عشرة إعلاميين؛ خمسة منهم كتاب، وخمسة مقدمو برامج تلفزيونية، سيزورون هذا القطاع ليوم واحد وهدفهم - وهذا حقهم - كشف السلبيات لصاحب القرار في هذا القطاع.. يوم واحد فقط سيوضع هذا القطاع تحت دائرة الضوء.. ماذا سيحصل؟ وكيف سيكون هذا القطاع مستعداً منذ فترة ليبذل أقصى جهد لكيلا تكتشف الأخطاء؟ ولو كشفت سيقول صاحب القرار في القطاع إن كل عمل فيه أخطاء، وسيرسل مسؤول العلاقات العامة بياناً صحافياً يعتب فيه على الإعلام لتركيزه فقط على السلبيات ونسيان الإيجابيات.. وأنتم في تخيلكم الممتد ترون صورة موظفي القطاع بعد خروج الوفد الصحفي يهنئون بعضهم بعضاً بنهاية الزيارة، وأن الوفد لاقى استقبالاً طيباً سيكون له صدى في مقالاتهم وبرامجهم.. افتحوا أعينكم الآن على اتحاد كرة قدم وقطاع شبابي يخصص له أكثر من مائة صفحة رياضية وعشرين برنامجاً تلفزيونياً تناقش عمله، وبينما الجميع غارق في النقد يشق هذا الاتحاد طريقه نحو التطوير والتحسين والاحترافية.
أعرف أن المجتمع الرياضي غلبت عليه النظرة المتشائمة، وأن الوضع سيئ، لكن هناك نصف كوب ممتلئاً، ويزيد أحياناً.
. تعالوا وبحياد تام نستعرض ما يلي: إشادة وانبهار من مسؤولي لجنة دوري المحترفين الآسيوية بالمستوى الاحترافي والخطوات (الهائلة) من اتحاد الكرة، لا مركزية في القرارات تمثلت في موافقة سمو رئيس الاتحاد وسمو نائبه على تفويض اللجان بالبت في القرارات، ابتعاث مئة مدرب وحكم وكوادر شابة لبريطانيا وأوروبا؛ لأخذ دورات والحصول على شهادات عليا، ولعل خير صورة تعكس ذلك الحكم فهد المرداسي الذي تدرب في إيطاليا على حساب الاتحاد السعودي وعن طريق هيئة دوري المحترفين.
أربعة مقاعد في دوري المحترفين الآسيوي اسألوا أنفسكم وسأشارككم التساؤل: ما هي الدولة الآسيوية والعربية الوحيدة التي تأهلت إلى نهائي كأس آسيا ست مرات في 25 عاماً؟ لا إجابة إلا السعودية.. تساءلوا وسأتساءل معكم: ما الدولة العربية الوحيدة التي حصلت على أربعة مقاعد في دوري المحترفين الآسيوي على الرغم من اختلاف الرأي بين اتحادها والاتحاد الآسيوي؟ لا إجابة إلا السعودية.. تساءلوا وسأتساءل معكم: ما الدولة العربية الأعلى في مداخيل الاستثمار الرياضي والأكثر تطوراً في تنظيم القوانين الاستثمارية الرياضية؟ لا إجابة إلا السعودية.. وتعالوا نتساءل: ما الدولة العربية الوحيدة التي تتنافس على تغطية أحداثها الرياضية مئات القنوات الفضائية؟ لا إجابة إلا السعودية.. ما الدولة التي يتصل بها المسؤول الأول في القطاع الرياضي والمسؤول الثاني على مقدم برنامج بعد نهايته ليشكروه بعد أن كشف عن قصور واضح في جانب معين؟ سأجيبكم هذه المرة: إنها السعودية، ولنا عودة في مقال آخر لشرح قفزات الاستثمار الرياضي وخدمة رعاية الشباب للشباب السعودي.
ما سبق هو جزء من نصف كوب ممتلئ لقطاع يتحمل يومياً المئات من الانتقادات من جميع الأطراف، ولكنه مطور ولا يتوقف ويسابق الزمن؛ ليصبح الأول آسيوياً بعد أن تربع دائماً في المركز الأول عربياً.. كل ما سبق ينفذ بميزانية لا تتعدى 1% من قطاعات أخرى، فكروا وتساءلوا: هل يستحق نصف الكوب الممتلئ الإشادة أم النقد؟ وسيفاجئكم المستقبل بما يثلج صدوركم، فما نلمسه من تطوير لا يتوقف، ومسؤولو القطاع يتقبلون النقد بصورة تثير الدهشة، ولكن قبل أن تنتقدوا أغمضوا أعينكم وضعوا أنفسكم في مكانهم والحكم لكم.. ولكم أن تسألوا أنفسكم: لماذا لم أقل: ما الفريق العربي الوحيد الذي تأهل أربع مرات متتالية إلى نهائيات كأس العالم؟ لأنني أعرف أنكم ستقولون: ولماذا لم يتأهل لخامس مرة؟ فجلد الذات هو ديدن أغلب الإعلاميين السعوديين الذين يجدون ترحيباً بآراء ضد بلدهم لاستغلال هذه الآراء للتقليل من الإنجازات غير المسبوقة!