تحت عنوان: «السوق متخم بالأسمنت وتكدس في المنتج بلغ 10 ملايين طن» نشرت الجزيرة في عددها رقم (13624) ليوم السبت 1 صفر 1431هـ، تصريحاً لأحد المستثمرين قلل فيه من جدوى تحصيل الرسوم الجمركية على واردات الأسمنت. ورأيت من واجبي التوضيح حول ما يلي:
أولاً: ورد في النص عن الكاتب المعروف الأستاذ ناصر القرعاوي قوله «أنا أشك (بمصداقية) الرقم الذي أظهرته مصانع الأسمنت بخصوص الفائض».. وأنا أتساءل: ما المقصود هنا «بالمصداقية»؟ هل أرقام بيانات إنتاج ومبيعات شركات الأسمنت التي تقدمها شركات الأسمنت لوزارة التجارة والصناعة مزيفة؟! وهل وزارة التجارة والصناعة عاجزة عن كشف الحقيقة؟! أم أنه حدس داخلي خاص، وإذا كان كذلك فإن على من يكتب الاطلاع والتحقق قبل الانسياق وراء الحدس الشخصي.. ماذا تستفيد شركات الأسمنت لو زيفت الأرقام ورفعت مخزونها المتراكم؟ أمن أجل السماح لها بالتصدير؟!، لماذا تصدر إذا كانت تبيع كل إنتاجها محلياً ولا يوجد لديها فائض؟! أم هي ترغب بالتصدير لأنه يحقق لها أرباحاً أعلى! معنى هذا أن أسعار التصدير تحقق أرباحاً أعلى، وهذا يدل على أن أسعار الأسمنت في الدول الأخرى أعلى من سعر الأسمنت محلياً، فلماذا الهجمة الشرسة المطالبة بتخفيض سعر الأسمنت محلياً إذن؟ أم قصد شركات الأسمنت تزييف بيانات إنتاجها ورفعها كي تزيد عليها الرسوم المفروضة على استغلال المواد الأولية والتي يقال كما جاء في المنشور أنها «مجاناً» علماً بأن شركة اسمنت المنطقة الجنوبية تدفع أكثر من (30 مليون) ريال سنوياً لوزارة البترول والثروة المعدنية، عبارة عن رسوم سطحية ورسوم استغلال المواد الأولية.
لا أدري ما الفائدة التي ستجنيها شركات الأسمنت من تزييف بياناتها!
ثانياً: إن ما تحققه شركة أسمنت المنطقة الجنوبية -وكل شركات الأسمنت- من أرباح عائد إلى أنها تنتج بكامل طاقتها أو بأعلى من طاقتها الإنتاجية التصميمية وذلك لتخفيض تكاليف الإنتاج إلى أقل ما يمكن، إن هذه الجهود بدلاً من أن تشكر عليها إدارة الشركات تعاقب عليها بحظر تصدير الفائض.
إن شركة أسمنت الجنوب قد أنتجت عام 2009م بنسبة 122% من الطاقة التصميمية، أليست هذه الزيادة في الإنتاج هي التي حققت لها الأرباح؟
إن شركة أسمنت المنطقة الجنوبية هي رائدة في تصدير الأسمنت، فقد صدرت إلى 16 دولة في أوربا وأمريكا وأفريقيا، فهي أول من صدر الأسمنت وعرّف الدول المستوردة بجودة الأسمنت السعودي، وقد كانت تسعى إلى التصدير كلما تشكل لديها فائض وتوقفه إذا كان هناك طلب مفاجئ في الأسواق المحلية.
وكلما كانت دراساتها لواقع الأسمنت في المملكة تظهر بأن الطلب على الأسمنت في أسواقها سيكون أعلى من طاقتها الإنتاجية، بادرت إلى بناء مصنع جديد حتى صار لديها الآن ثلاثة مصانع في جازان وبيشة وتهامة، أليس هذا دليل على اهتمام الشركة بتأمين الأسمنت في الأسواق دون رفع أسعار البيع؟!
إن شركة أسمنت المنطقة الجنوبية لم تتجاوز منذ أكثر من 25 سنة السعر المحدد لها من وزارة التجارة، ولي تساؤل: هل حافظت سلعة استهلاكية على سعرها لمدة 25 سنة، مع ارتفاع تكاليف الإنتاج كل فترة.
ثالثاً: ما القصد من وراء التركيز على شركات الأسمنت بفرض سعر بيع عليها من دون بقية المواد الاستهلاكية التي تضاعفت عدة مرات، وماذا سيستفيد الوطن والاقتصاد الوطني لو انهارت شركات الأسمنت؟
إن معظم شركات الأسمنت شركات مساهمة وطنية، يبلغ عدد مساهمي شركة أسمنت المنطقة الجنوبية أكثر من (8000) مساهم، وتملك الدولة فيها أكثر من 54.5%، فإذا حققت أرباحاً فلمن العائد أليس لأسر هؤلاء المساهمين.
رابعاً: لماذا يوقف تصدير الأسمنت ويربط وحده بسعر محدد، أليس التصدير هدف من أهداف حكومتنا الرشيدة ودعم للاقتصاد الوطني، أليس التصدير يعيد العملة الصعبة التي تصرف على الاستيراد، أليس التصدير يعود بالفائدة على الموانئ والناقلين والمشتغلين بعملية التصدير وينشط الحركة التجارية؟ إن قرار حظر تصدير الأسمنت كان لمعالجة فترة محدودة حدث فيها توقف بعض مصانع الأسمنت لأعطال مفاجئة أو لأعمال الصيانة السنوية تزامنت مع بعضها، مما جعل المعروض من الأسمنت في بعض الأسواق ينخفض قليلاً، واستغله الناقلون ليحدثوا أزمة لم يكن لشركات الأسمنت فيها أي دور، وقد زالت الأزمة بعد أن عادت مصانع الأسمنت لكامل إنتاجها ومع ذلك لم يرفع حظر التصدير.
إن إنتاج شركات الأسمنت السنوي الآن يفوق حاجة أسواق المملكة بأكثر من ستة ملايين طن سيضاف للفائض الحالي، فأين يصرف هذا الفائض؟ ألا يعتبر أموالاً مجمدة، ومن الأفضل استغلالها ليعود بالفائدة على مساهمي الشركات.
إن بعض شركات الأسمنت أوقفت بعض خطوط إنتاجها فهل ننتظر إلى أن يعمم ذلك على جميع مصانع الأسمنت، ماذا يكون الموقف من شركات الأسمنت إذا سرحت موظفيها نتيجة لتوقيف خطوط الإنتاج! أليس من الأفضل وضع ضوابط لتصدير الأسمنت بدلاً من حظر تصديره بحيث لا يسمح بالتصدير إلا إذا كان لدى الشركة المصدرة مخزون كافٍ.
كما ورد في الموضوع تصريح لسعادة الدكتور عبد الرحمن الزامل أن «على شركات الأسمنت سحب البساط وتعلن موافقتها من حيث المبدأ على خفض السعر لتصديره»..
ولم أدر ما معني «من حيث المبدأ»، وكنت آمل من الدكتور وهو في موقع المسؤولية بمركز الصادرات أن يهب للدفاع عن التصدير، وأن يوضح ما تأثير حظر التصدير على شركات الأسمنت بعدما وصل المخزون إلى أكثر من عشرة ملايين طن بنهاية عام 2009م.
إنني ما أردت من ذلك إلا توضيح الحقائق، والطلب ممن يكتب لعموم الناس أن يتحروا الحقيقة وأن لا يجعلونا نفقد الثقة فيما يكتب في صحفنا، وقد اتصلت بالأستاذ الأخ ناصر بن محمد القرعاوي، وأوضحت له الحقائق وقد تفهم ذلك.
والله من وراء القصد.
الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة أسمنت الجنوبية