الجزيرة - الرياض
تحول لقاء رجل الأعمال صالح بن عبدالله الطعيمي الأمين العام السابق لغرفة الرياض، وأحد العقول والسواعد التي ساهمت في تكريس أعمدة بنيان الغرفة وإعدادها لمرحلة الانطلاق، إلى جلسة للوفاء والحب والعرفان والتكريم لشخصية أخلصت في الجهد والعطاء لتعزيز أركان صرح الغرفة في مراحل التأسيس، التي مهدت لكي تصبح غرفة الرياض واحدة من كبريات الغرف على مستوي المنطقة العربية.
وحضر اللقاء قيادات الغرفة والعديد من الشخصيات البارزة في مجتمع رجال الأعمال، يتقدمهم عبدالرحمن الجريسي رئيس الغرفة ونائباه وأعضاء مجلس الإدارة، والأمين العام ورئيس لجنة شباب الأعمال «اللجنة المنظمة للقاء».
وأدار اللقاء الاقتصادي المعروف الدكتور عبدالله صادق دحلان الذي قرر قطع زيارته لأوربا ليكون مشاركاً في اللقاء، كما حضره جمع غفير من رجال وشباب الأعمال والمهتمون الذين امتلأت بهم القاعة.
وقبل أن يتحدث الطعيمي قدمه العذل بكلمة بليغة ازدانت بأبيات من عيون الشعر، حيث وصف الطعيمي «بالقوي الأمين والعملاق اللطيف» الذي لا تسمع كلامه إلا همساً، لكن فعله وتأثيره كالماء الذي ينزل على الصخر فيفتته، كما أثنى على دور مؤسس الغرفة الشيخ عبدالعزيز المقيرن الذي حلم بتشييد صرح الغرفة وجسد الحلم لرجال الأعمال في المنطقة وأضحى حقيقة، كما أشاد بدور «أبو الفوارس» عبدالرحمن الجريسي الذي ساهم في تحقيق نقلة نوعية كبرى لغرفة الرياض لتنطلق إلى الفضاء العربي ثم العالمي، وقبل ذلك محيطها الخليجي، كما شكر الدكتور عبدالله دحلان الذي حرص على المشاركة وإدارة اللقاء رغم أنه كان يشارك بمؤتمر في أوربا.
إشادة بجهوده في بناء الغرفة
فهد الثنيان رئيس لجنة شباب الأعمال قدم الشيخ الطعيمي بكلمة أثنى فيها على دوره كأمين عام للغرفة لثلث قرن، وقال إنه استطاع بجهوده وانشغاله بالمشروع الطموح الذي كان يراود الكثير من العقول والنفوس، وفي مقدمتها مؤسس الغرفة الشيخ عبدالعزيز المقيرن، أن يحققوا مشروع الغرفة ليكون مظلة لقطاع الأعمال ومعبراً عنه، يحمل همومه كما يستشعر طموحاته وتطلعاته، فنهضت الغرفة وتعزز بنيانها كصرح يسهم في خدمة اقتصادنا الوطني الذي كان -آنذاك- ما يزال يعيش مراحل الانطلاق، قبل أن يصبح أكبر اقتصاد في المنطقة. وعبر الثنيان عن سعادته باستضافة الغرفة لرمز من رموز مسيرتها في مراحل التأسيس الأولى، وليستمع شباب وشابات الأعمال إلى تجربته ويبصر بصمته البارزة التي استطاع أن يرسي خلال مسؤوليته كأمين عام للغرفة بجهده وخبرته الرفيعة أساس العمل المؤسسي للأمانة العامة للغرفة، ولتضطلع بدور أكبر لخدمة قطاع الأعمال في منطقة الرياض، حتى صارت ولله الحمد واحدة من أكبر غرف المملكة.
من جهته قدم الدكتور عبدالله دحلان الأستاذ صالح الطعيمي، بالثناء على دوره الرائد في تولي مسؤولية أمانة غرفة الرياض، وعمل بجهد مخلص صادق فاستطاع أن يدفعها إلى صدارة الغرف السعودية، فتميزت في الإعداد والتنظيم لخدمة قطاع الأعمال، وقال إن غرفة الرياض بفضل جهود رجالها تميزت في الأداء والفعل والتأثير، وأضحت قدوة للغرف السعودية ومنها غرفة جدة رغم أنها الأقدم، وقال إن الطعيمي حمل أول مسمى كأمين عام لغرفة الرياض، وكان أول أمين عام لمجلس الغرف السعودية، إضافة لعمله كأمين عام لغرفة الرياض، وكان أول من يؤسس مركزاً للتدريب بالغرف السعودية.
وأضاف دحلان أن الطعيمي لم تفته مناسبة أو وقت إلا وتجد غرفة الرياض حاضرة في قلبه، شغوف بمعرفة أخبارها، وأنها دائماً في المقدمة عنده وكأنها أحد أبنائه الذين يتابع همومهم وتطلعاتهم ويتمنى لهم دوماً الخير والنجاح، مثنياً على ما قدمه إليه من عون ومساندة خلال مسيرته كأمين عام لغرفة جدة، وقال إنني تعلمت منه كيفية الإعداد للوفود التجارية، وأنه تتلمذ على يديه، واستفاد كثيراً من تجربته في أداء مسؤولياته كأمين لغرفة جدة، مشيراً إلى أنه اختير لهذا المنصب، بينما كان في مقتبل عمله كأستاذ في الجامعة ليس لديه خبرة في إدارة أعمال أمانة الغرفة.
الطعيمي يسرد ذكريات الغرفة
ثم تحدث الطعيمي فأثنى في البداية على دور مؤسس الغرفة الشيخ عبدالعزيز المقيرن، وقال إن هذا المبنى المفخرة يدين له بالفضل، وإنه لولا الجهود التي قدمها والإمكانيات التي غرسها، لما نهض هذا البنيان بهذه الصورة المشرفة، وروى مسيرة تطور الغرفة من البدايات حيث انطلقت من شقة صغيرة في شارع الثميري، ثم انتقلت الغرفة إلى مبنى أكبر في شارع الخزان عبارة عن فيلا، ثم رأى المقيرن أن مبنى الخزان لا يستوعب أنشطة الغرفة، ففكر في موقع أكبر فكان الانتقال إلى موقع الغرفة الحالي في شارع الضباب، حيث تم تشييد المبنى الحالي على أرض الضباب.
ومضى الطعيمي يقول: إن فضل المقيرن لم يكن على الغرفة فقط، وإنما كان فضله عليه هو شخصياً -أي الطعيمي- حيث دبر له قرضاً من البنك بضمانته كي يستثمره الطعيمي في تأسيس منزله الخاص بدلاً من الشقة الصغيرة التي كان يقيم فيها، وانتقل الطعيمي للحديث عن أهم محطات التطور في حياة الغرفة، فأشار إلى أن الغرفة واجهت في بداية مشوارها مشكلة مع بعض مشايخ هيئة الأمر بالمعروف الذين توجسوا في البداية من دور الغرفة، وقال إن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، الذي تبنى وبارك وشجع فكرة الغرفة منذ البداية وطيلة تطور مراحلها الزمنية، ذلل ذلك التوجس لدى المشايخ.
وتناول ضيف اللقاء فكرة تشكيل اللجان القطاعية بالغرفة، فأوضح أنه كان يريد تشكيل هذه اللجان لتتولى متابعة أنشطة ومشكلات كل قطاع على حدة، خصوصاً بعد أن توسع النشاط الاقتصادي، وقال إن الفكرة واجهت اعتراضات من الكثير من رجال الأعمال بالغرفة آنذاك، لكنهم قبلوا في النهاية، بفضل تشجيع رئيس الغرفة حينذاك الشيخ محمد الفريح، الذي وصفه بأنه كان الأب الروحي لفكرة اللجان القطاعية، إضافة إلى دعم باقي أعضاء مجلس الإدارة، وقال إن البداية كانت اللجنة الصناعية ثم تحدث عن تأسيس مركز التدريب بالغرفة فأشار إلى أنه صادف هو الآخر هجوماً من قبل معهد الإدارة ظناً من بعض مسؤوليه بأن المركز سيكون منافساً للمعهد في رسالته التدريبية، ثم انتهت الأزمة وتأسس المركز الذي أصبح خريجوه الآن موضع تفضيل من قبل القطاع الخاص على باقي خريجي المعاهد الخاصة، وتحدث عن فكرة تأسيس مجلس الغرف السعودية من اتحاد الغرف، فقال إنه لقي معارضة في البداية من الإخوة في غرفة جدة لأنهم لم يكونوا يريدون أن يكون مقره الرياض، وكان المخرج في اختيار الشيخ إسماعيل أبو داوود -يرحمه الله- رئيس غرفة جدة آنذاك رئيساً لمجلس الغرف.
وتناول الطعيمي أسلوبه في إدارة الأمانة العامة فقال إنه كان يعطي صلاحيات واسعة لمديري الإدارات والأقسام، وقال: «إنني كنت أترك الأمانة يديرها الأستاذ حمد بن صالح الحميدان وزملاؤه، وكنت أشرف على الإدارة، وأوجه، فأنا لا أحب مركزية الإدارة، وكنت أطلب من كل مدير إدارة أن يقدم لي تقريراً شهرياً بالأداء والمشكلات التي تواجه عمل الإدارة ونعمل على حلها أولاً بأول»، ونوه بأداء موظفي الغرفة آنذاك وقال إنها كانت مجموعة متجانسة متفاهمة وكانوا متحمسين، ولهذا كان أداؤهم مميزاً.
توجيهاته لشباب الأعمال
وعن نصائحه لشباب الأعمال قال الطعيمي: إن نجاح شباب الأعمال يتطلب منهم أن يحبوا عملهم، فالتاجر الذي يحب عمله ينجح، وهذه قاعدة ذهبية في رأيه، وقال كما أن الزواج ينجح بالحب فإن التجارة تنجح بحب صاحبها لها، وفي إجابة على تساؤل لإحدى سيدات الأعمال اللائي تابعن اللقاء عبر البث التلفزيوني المباشر، قال الطعيمي: إن الفرع النسائي بالغرفة يعد مكسباً مهماً لسيدات الأعمال، حيث كان من الصعب في السابق أن تعقد سيدات الأعمال اجتماعاً بمقر الغرفة، وأعرب عن أمله في أن يتم تعيين سيدة أعمال أو أكثر في مجلس إدارة الغرفة القادم، مشيراً إلى أن غرفتي جدة والدمام سبقتا غرفة الرياض في التمثيل النسائي.
ونصح الطعيمي الشباب بمزيد من الجدية في الأداء والانضباط والحرص على الوقت، وأن يتثقفوا ويقرؤوا ويجتهدوا فالنجاح ليس سهلاً بل يحتاج لعمل شاق مضنٍ، وانتقد شباب اليوم وقال إن كثيرين منهم يريدون القفز إلى القمة بينما الصعود إليها يتطلب الصبر والجهد والمثابرة، وعليهم بتمثل تجارب النماذج المضيئة من رجال الأعمال الذين نجحوا بعد كفاح طويل ودون أن يتعجلوا النجاح، وحذرهم من اليأس أو الإحباط عند مواجهة أية عثرات، وأن الفشل يمكن أن يكون منطلقاً للنجاح.
ورأى أن الطفرة الاقتصادية الأولى أثرت سلبياً على فكر وأداء الشباب اليوم، بل إننا نجد كثيراً من الشباب يتسكعون في الشوارع حتى الفجر، والمقاهي تعج بالرواد من الشباب، ويدعون أنهم لا يجدون عملاً.. يريدون أن يأتيهم العمل، بينما هم لا يعملون ولا يريدون، وقد يحلمون بوظائف مديرين وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بعد التجربة والعمل الجاد الشاق.
وفي تعليق من الجريسي على تساؤل لإحدى سيدات الأعمال تطالب فيه بأن يسمح للسيدات برحلات جماعية للخارج لحضور المعارض الدولية المهمة، قال: إن غرفة الرياض أولت اهتماماً بالغاً بسيدات الأعمال من خلال تأسيس الفرع النسائي، الذي يمارس نفس الأعمال لرجال الأعمال، وقال إن مجلس الغرف السعودية يحرص على مشاركة سيدات أعمال في الوفود التجارية التي تذهب إلى دول العالم، ولفت إلى أن قلة سيدات الأعمال في الوفود السعودية ليس صفة تنفرد بها إلا أن ذلك هو المشاهد في الوفود التي تأتي من الخارج.
وشهد اللقاء محاورات ومداخلات من العديد من الحضور من أعضاء مجلس إدارة غرفة الرياض مثل الأستاذ عبدالعزيز بن محمد العجلان نائب رئيس مجلس الإدارة، والأستاذ خالد بن عبدالعزيز المقيرن عضو مجلس الإدارة ورئيس لجنة الأوراق المالية وغيرهما الذين أثنوا على رحلة عطاء الشيخ الطعيمي، وفي نهاية اللقاء تم تقديم الهدايا التذكارية للطعيمي من الغرفة قدمها الجريسي ومن شركة الاتصالات السعودية الراعي المميز وقدمها الأستاذ هشام سمرقندي، ومن الشركة العربية للعود قدمها الأستاذ عبدالعزيز الجاسر.