(نهضة الجزيرة العربية) هو أحدث إصدارات دارة الملك عبد العزيز التي تعنى بنشر كل ما له صلة بالمملكة العربية السعودية خاصة والجزيرة العربية عامة.
والكتاب من تأليف الدكتور جورج خير الله، وهو لبناني هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ودرس الطب فيها، واهتم بالثقافة العربية، وكان له نشاط واسع في الدفاع عن قضايا العرب من خلال الرابطة الوطنية السورية الجديدة التي أنشاها سنة 1918م التي (رفعت صوت العرب في مؤتمر فرساي للصلح في عام 1919م مرددة مطالبهم بالاستقلال)، كما كانت له مواقف مشرّفة في الدفاع عن الحق العربي في فلسطين، ولانشغاله بالشأن العربي هجر الطب وتفرَّغ لنصرة قضايا أمته العربية، وقاده الاهتمام بالأمور العربية والإسلامية إلى اعتناق الإسلام.
أما الكتاب فقد ألَّفه بالإنجليزية سنة 1952م ونشرته جامعة نيومكسيكو ونقله إلى العربية الأستاذ وديع فلسطين الأديب العربي المصري المعروف في حياة المؤلف وأرسله إلى المؤلف، الذي حاول نشره وسلّمه إلى ناشر أبقاه لديه حتى عثر على النسخة المخطوطة والمكتوبة بيد وديع فلسطين في مكتبة الملك عبد العزيز الخاصة المحفوظة في دارة الملك عبد العزيز.
ويتوزع الكتاب على ثمانية وعشرين فصلاً، احتوت على معلومات كثيرة، وحسب مقدمة الدارة فإن أهمية الكتاب تنبع من كون مؤلّفه معاصراً لكثير من أحداثه، شاهداً عليها، يكتب فيها بقلم الناقد البصير والعربي المسلم المتطلع إلى نهضة أمته والغيور على تاريخها المعطاء.
ومما يزيد في قيمة الكتاب الأسلوب الجميل الذي كتبت به الترجمة وهو أسلوب أدبي شيق يمتع القارئ ويجعله يشعر بأنه أمام عمل مكتوب بالعربية أصلاً.
ومن المقاطع الجميلة في الكتاب ما ورد من وصف للحياة الخاصة للملك عبد العزيز - رحمه الله - في الفصل السادس عشر المعنون ب(ملك من هامة الرأس إلى أخمص القدم) يقول المؤلف:
(وعبد العزيز - رحمه الله - في حياته الخاصة حريص على هذه البساطة التي لا يتخلَّى عنها حتى في المناسبات الرسمية، فهو يستيقظ قبل الفجر بساعة ويتلو آيات من القرآن الكريم ريثما يؤذن المؤذن لصلاة الفجر، ثم يتناول طعام الفطور الذي يتألف على الأغلب من اللبن الزبادي والتمر والخبز والعسل، وفي الظهر يحتسي شوربة خضار ويأكل اللحم والأرز، والعشاء مماثل للغداء غير أنه يضيف عليه قليلاً من الحلوى، وقلّ أن يشرب الشاي، ولكنه يشرب لبن الإبل ويهوى القهوة، أما ملابسه فبسيطة مصنوعة من القطن الأبيض والكتّان.. ومع أن الملك يستعين بنظارة طبية فإنه كثيراً ما يقرأ دون أن يستخدمها إذا كان الخط واضحاً مقروءاً، أما إذا لم يكن الخط واضحاً فإن موظفيه يقرؤون له كل شيء.. يمارس ما اعتاده من حياة التقشف في الصحراء، فينام على الأرض لا على فُرُش وثيرة جرياً على عادة العرب، والملك ينام نوماً خفيفاً، ولا تزيد مدة رقاده على ست ساعات في اليوم، ولكنه يستطيع في الوقت عينه أن ينام في أي وقت).
إن هذا الكتاب يقدم متعة للقارئ بأسلوب جميل، إضافة إلى المعلومات المستوحاة في أجزاء منه من المشاهدة والمعايشة.