في 2008 أصدر وزراء الإعلام العرب وثيقة مبادئ تنظيم البث والاستقبال الفضائي الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة، الوثيقة دعت بوضوح إلى الامتناع عن التحريض على الكراهية أو التمييز، والامتناع عن بث كل شكل من أشكال التحريض على العنف والإرهاب.
هذا الأسبوع رفض وزراء الإعلام العرب في اجتماعهم أي تدخل أجنبي، وذلك رداً على مشروع قرار للكونغرس الأمريكي يدعو مؤسسات الأقمار الصناعية إلى عدم التعاقد مع القنوات التليفزيونية التي يعتبرها داعية إلى الإرهاب، و يهدد بفرض عقوبات على الأقمار التي تبث قنوات فضائية تحرض على الإرهاب وتدعو إلى كراهية الآخر.
والواضح أن المشروع يخص قمري «عرب سات ونايل سات» اللذين تبث عليهما قنوات مثل- الأقصى التابعة لحماس، والمنار التابعة لحزب الله، والرافدين والزوراء العراقيتين، المتهمة بالتحريض.
مجلس وزراء الإعلام العرب رفض المشروع الأمريكي، وقال إنه ضد لجوء أي من الفضائيات العربية إلى التحريض على الإرهاب أو الكراهية بسبب الجنس أو الدين، لكنه يرفض في الوقت ذاته التدخل الأجنبي في الإعلام العربي.
مجلس وزراء الإعلام وجد نفسه يرفض صراحة ما أقره في اجتماعه الاستثنائي قبل عامين، ويرد على مشروع التدخل الأمريكي في اجتماع استثنائي آخر.
والحقيقة أن الحالة الأمريكية محيرة وهي تعمل بشكل غير متوقع، وفي وقت غير منتظر تتدخل لقمع الحريات الإعلامية، والتدخل في حرب سطحية مع الإعلام العربي، الذي يستعد لتنظيف أو تنظيم نفسه مع صدور وثيقة من وزراء الإعلام العرب.. حتى من يتفق مع المبدأ يختلف مع هذه الإثارة غير المحسوبة.
والواضح أنه يغيب عن المشرعين الأمريكيين أن القنوات التي يستهدفها القرار تتحصل على نسبة مشاهدة لا تصل حتى إلى 1% من الشعوب العربية، فيما يصل أضعافها بالعشرات إلى المواقع المتطرفة التي تشرح لتصنيع المتفجرات وتجنيد المقاتلين، ومثل هذه المواجهة -الأمريكية- تتيح للقنوات المعنية فرصة جيدة لتسويق نفسها في الشارع العربي البسيط، وهو أمر يمكن للمراقب العادي معرفته. فأمريكا تؤكد مجدداً فشلها في إدارة قنواتها الإعلامية الموجهة للعالم العربي التي تفتقد التأثير، كما فشلها بشكل جيد أيضاً، في إدارة عواطفها، ومنطاحاتها الإعلامية المباشرة.
من الأفضل إتاحة القليل من الحرية الإعلامية ولو كانت أقرب إلى الفوضى، والتدفق الحر للمعلومات كما تزدحم «سيرفرات الإنترنت»، لتواصل التوجهات التحريضية الكشف عن نفسها وأتباعها. أضف إلى ذلك أن استمرار هذه القنوات في البث يتيح لمشاهديها والراصدين لها، كشف ثقافتها واتجاهاتها وأدنى محتواها.. وهي فرصة توفرها حرية التعبير وليست أسرارها.
إلى لقاء،،،،