الإجراءات التي أعلنت عنها السلطات الأمريكية تجاه القادمين من دول مصنفة إرهابياً أو ترعى الإرهاب أو أنها مبتلاة بالإرهاب هي لا شك إجراءات شديدة وصارمة ولكنها مبررة لا شك.
صحيح أن التفتيش العشوائي سيكون مهيناً وجارحاً ومقلقاً, وأرى أنه تعسفي إذ لا بد ألا يفتش أي إنسان بشكل مبالغ فيه إلا إذا كان هناك ما يستدعي ذلك، وأن تذكر هذه الدواعي حتى يتم الابتعاد عنها تماماً ويضمن الفرد سيره الطبيعي في التفتيش والتدقيق وهذه من أبسط حقوق الإنسان الذي تدعي أمريكا أنها تغزو البلدان بحجة ضمان هذه الحقوق! ومع حملة الغضب التي سرت بين أهالي المبتعثين خصوصاً لأن هذه الإجراءات قد تحد من زيارة أبنائهم إلى بلدانهم وتفضيلهم البقاء طول مدة الدراسة حتى لا يتعرضوا إلى ما يمكن أن يعرقل سير مستقبلهم الدراسي - إلا أن اهتمام السلطات السعودية ووعدها بالتشاور مع أمريكا حول هذا التشدد في الإجراءات مثار ارتياح أسر المبتعثين.يبقى السؤال المطروح مؤلماً, فعلى الرغم من كل الجهود والمساعي والخطط المنفذة على أرض الواقع للتخلص من وصمة الإرهاب والانفتاح والسعي للحوار مع المختلف من الأمم الأخرى إلا أن هناك من تأخذه الرغبة في الأضواء وعشق الذات والركض خلف الجماهيرية الخادعة فيحول خطبة في مسجد يتقاضى عليها مرتباً، الهدف منها بث الرحمة والسكينة والإرشاد الجمعي للأخلاقيات الحسنة والعمل الإيجابي إلى خطبة مسيسة ضد الآخر من أبناء الأمة الإسلامية, تعيد صفة الإرهاب لنا وتضعف من موقفنا الراسخ في الحوار الهادئ الذي هو أهم ملمح من ملامح سياسة السعودية داخلياً وخارجياً! وتعيد فتح ملفات التجييش في الخطاب الديني.مثلما أن بعض الموتورين يرون أن ابن لادن أذل أمريكا وأذاقها الهوان وينظرون للإجراءات المشددة في دخول أمريكا هي نصر عظيم قد أصاب الأمريكان وكلابهم البوليسية بالهلع.
هذه السذاجة هي من جعلنا نبدأ في كل مرة من حيث ما ابتدينا, ذلك أننا مازلنا نترك للسذج فرصة القول والكلام! ومازلنا نجامل هذا الخطاب التعبوي على حساب سمعة بلادنا ومستقبل أجيالنا الذي يعرضها هذا الخطاب إلى العزلة والحرمان من فرص التحديث والاستفادة من العلوم المختلفة!!