لا يكاد يمرُّ يوم دون أن ينعي الناعي أعداداً من الناس الطيبين، مَنْ نعرفهم ومَنْ لا صلة لنا بهم؛ فلا نملك لحظتها غير الترحُّم عليهم والدعاء لهم، ومشاركة ذويهم وأهليهم حزنهم وأساهم ولوعتهم في وفاة أعز أحبابهم.
***
فأيامنا ليست كلها مصبوغة بالمسرات، ولا هي حافلة دائماً بكل ما يسعدنا ويرضينا؛ إذ ما أكثرها من أيام جللها الحزن، وغطاها غياب أحبابنا وأقرب الناس صلة بنا. وهكذا هي سُنَّة الحياة، ملبدة بما يكدر الخاطر حيناً، وغير ذلك أحياناً أخرى.
***
إنها حياة يكتنفها الغموض دون أن تبوح لنا بأسرارها؛ وبالتالي لا يدري الإنسان ما يكتنفه غده، وما تخفيه ساعاته القادمة، حتى وهو في كامل صحته، أو عندما يُقعده المرض لسنوات أو شهور أو أيام؛ فالأعمار بيد الله وحده، وما من أحد يدري متى يودع دنياه الفانية، ولا بأي أرض سيموت.
***
وأمس كنا على موعد مع الأخبار التي وإن سلمنا بقبولها؛ فقد آلمنا وأحزننا ما حملته من تأكيدات عن وفاة حبيبنا رجل البر والكرم والشهامة والأخلاق الشيخ صالح المطلق الحناكي بعد معاناة مع المرض وملازمة المستشفى على مدى أكثر من ستة أشهر.
***
إنَّ فَقْد الرجال المؤثرين في حياة الأمة والوطن ليس بالشيء الهيِّن أو السهل قبوله، لولا أن هذه مشيئة الله، وقدر الأحياء أن يسلموا ويتقبلوا هذه المحن بنفس راضية؛ إيماناً واحتساباً، وانتظاراً لرضا رب غفور عنا وعمن نفقدهم من الأخيار الطيبين أمثال شيخنا أبي مطلق.
***
فإلى كل مَنْ مسَّه الجزع، وسال دمعه على خديه، وشعر بشيء من حزن وبعض من ألم، إلى الأسرة والأبناء والبنات، والأصدقاء، والمحبين، إلى كل هؤلاء، أقول لهم: لا تحزنوا؛ فقد ترك الفقيد سيرة عطرة، وخلَّف أعمالاً خالدة، وأبقى بعد وفاته من الإنجازات الإنسانية ما ينبغي أن يُحاكى بها ويُقتدى به. فللجميع الصبر والسلوان، ولأبي مطلق منا الدعاء له بالمغفرة والرحمة، حيث ينتقل من دار المرور إلى دار الخلود في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار مع المبشرين بالجنة - إن شاء الله -، وما ذلك على الله بعسير.