الجزيرة - جمال الحربي
أعلنت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض أمس عن إطلاق المرحلة الأولى من المبادرة الوطنية لتحلية المياه بالطاقة الشمسية بتطبيق التقنيات المتناهية الصغر المتطورة (النانو) في مجال إنتاج أنظمة الطاقة الشمسية والأغشية لتحلية المياه التي تم تطويرها بالتعاون بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة IBM الأمريكية من خلال المركز المشترك لأبحاث تقنية النانو لإيجاد حلول تقنية لمشكلات الطاقة والمياه بأقل التكاليف بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتقليص الاعتماد على النفط والغاز في تشغيل المحطات القائمة حالياً التي تستهلك نحو 1.5 مليون برميل. جاء ذلك في مؤتمر صحفي شارك فيه معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف ومعالي وزير المياه والكهرباء المهندس عبد الله الحصين ومعالي رئيس المدينة الدكتور محمد السويل وصاحب السمو الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود نائب رئيس المدينة لمعاهد البحوث وكذلك الأمين العام لصندوق الاستثماراًت العامة منصور الميمان ونائب رئيس المدينة لدعم البحث العلمي الدكتور عبد الله الرشيد ووكيل وزارة التجارة والصناعة لشؤون الصناعة خالد السليمان.
وكشف المؤتمر عن تفاصيل المبادرة الرامية إلى إنتاج مياه وكهرباء من خلال المحطات العاملة بالطاقة الشمسية والبرنامج الزمني لتنفيذها بهدف توفير مياه محلاة بتكلفة تتراوح بين ريال واحد إلى 1.5 ريال بدلاً من التكلفة الحالية البالغة 2.5 إلى 5.5 ريال للمتر المكعب، كما أن تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام تقنيات الخلايا الشمسية التي تم تطويرها تبلغ أقل من 30 هللة لكل كيلوواط - ساعة.
وأكّد أصحاب المعالي الوزراء ورئيس المدينة ومسئولوها أن هذه المبادرة حظيت بدعم وتشجيع كبير من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني.
ووصفوا المبادرة بأنها نقلة نوعية في البحث العلمي الرامي إلى توفير المياه بأقل تكلفة ممكنة مشيدين بالجهود التي بذلتها مدينة الملك عبد العزيز في تطوير تقنيات الطاقة الشمسية على مدى 3 عقود ماضية ووصولها إلى تقنيات يمكن أن تستخدم على نطاق تجاري واسع لتأمين المياه التي تعد عصب الحياة.
وأكّدوا أن تحلية المياه المالحة هي الخيار الاستراتيجي لتأمين مياه الشرب للمملكة العربية السعودية، حيث إنها تنتج أكثر من 18% من الإنتاج العالمي للمياه المحلاة وتعد تكلفة الطاقة المستخدمة في محطات التحلية من أهم أسباب ارتفاع تكلفة إنتاج المياه المحلاة، مشيراً إلى أن العمل على تخفيض تكلفة إنتاج الطاقة سينعكس إيجاباً على خفض تكلفة الإنتاج.
وأشار المشاركون إلى ما تتمتع به المملكة العربية السعودية من سطوع شمسي عالٍ على مدار العام يقدر بألفي كيلوواط لكل متر مربع سنوياً ولذلك فقد عملت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية منذ مدة طويلة على تنفيذ برامج البحث والتطوير في مجال نقل وتوطين تقنيات الطاقة الشمسية.
وأكّدوا أن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية من خلال المبادرة الوطنية لتحلية المياه بالطاقة الشمسية تهدف إلى التطبيق العملي للتقنيات متناهية الصغر المتطورة (النانو) في مجال إنتاج أنظمة الطاقة الشمسية والأغشية لتحلية المياه، حيث تم تطوير هذه التقنيات من خلال المركز المشترك لأبحاث تقنية النانو بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة أي بي إم العالمية وتهدف أيضاً إلى إيجاد الحلول التقنية لمشكلات الطاقة والمياه بأقل التكاليف للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني.
وأوضح المؤتمر أن المبادرة يشارك في تنفيذها إلى جانب مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية كل من وزارة المالية ووزارة المياه والكهرباء ووزارة التجارة والصناعة والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة.
وأفادوا أنه سيتم تنفيذ المبادرة على ثلاث مراحل، بدأت الأولى التنفيذ العملي لها من بداية هذا العام، حيث تشمل بناء محطة لتحلية المياه المالحة بطاقة إنتاج تبلغ 30 ألف متر مكعب يومياً لسد احتياجات مائة ألف من سكان مدينة الخفجي من مياه الشرب من خلال بناء محطة لإنتاج الطاقة الشمسية بطاقة 10 ميجاوات وأغشية التناضح العكسي باستخدام أحدث التقنيات المتطورة في غضون ثلاث سنوات. أما المرحلة الثانية فتتضمن بناء محطة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية بطاقة إنتاج 300 ألف متر مكعب يومياً في منطقة يتم اختيارها لاحقا، حيث يستغرق تنفيذها ثلاث سنوات بعد استكمال المرحلة الأولى ليبلغ إنتاج المحطة عشرة أضعاف إنتاج محطة المرحلة الأولى. فيما المرحلة الثالثة ستتضمن بناء عدة محطات لتحلية المياه المالحة بالطاقة الشمسية لمناطق مختلفة من المملكة بمشيئة الله، وذلك بعد استكمال المرحلة الثانية.
وبيّن المشاركون في المؤتمر الصحفي أن تنفيذ هذه المشاريع سيتم من خلال تجمع صناعي في المملكة يسوق المنتجات على مستوى العالم وهو ما يخدم ويعزز من توجهات الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي تشرف عليها وزارة التجارة والصناعة.
من جانبه ثمن معالي رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد السويل في كلمة ألقها في المؤتمر الدعم غير المحدود الذي تتلقاه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهد الأمين وسمو النائب الثاني ومباركتهم لهذه المبادرة الرامية إلى توفير مياه شرب محلاة باستخدام الطاقة الشمسية بأقل التكاليف الممكنة وذلك إيماناً منهم أن ذلك سيسهم في عملية التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة العربية السعودية كون الماء عصب الحياة.
وتطرق الدكتور السويل إلى البرنامج الزمني لتنفيذ المبادرة والجهات المشاركة فيه والنتائج المتوقعة لتنفيذ تلك المحطات في الفترة القادمة.
من جانبه ثمن معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف الجهود التي بذلتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية من أجل التوصل إلى تقنية تستفيد من مصدر غير ناضب ومتجدد وهو الطاقة الشمسية لتحلية المياه وإنتاج الكهرباء، مشيراً إلى أن ما يبعث على السرور لدى كل مواطن أن يتم توطين هذه التقنية محلياً عبر عدة عقود قامت بها مدينة الملك عبد العزيز في مجال الأبحاث الشمسية ومن ثم تطوير هذه التقنية لاستخدامات مهمة تسهم في العملية الشاملة للتنمية بالمملكة اسهامها في تأمين المياه المحلاة بأقل التكاليف الممكنة وأن الأهم الآن هو التكلفة الإنتاجية المنخفضة لهذه التقنية.
وشدد معاليه على أن وزارة المالية لديها اهتمام بالغ بهذه المبادرة الرامية إلى توفير مياه شرب وكهرباء بأقل التكاليف الإنتاجية، إضافة إلى تطويرها إلى صناعة حتى تتحول المملكة العربية السعودية إلى موطن لهذه التقنية والصناعة في العالم.
فيما عدّ معالي وزير المياه والكهرباء المهندس عبد الله الحصين في كلمته في المؤتمر بأنه يوم تاريخي في صناعة وإنتاج المياه المحلاة وإنتاج الطاقة الكهربائية في المملكة وخصوصاً أن نسبة الطلب على الكهرباء يحقق نسب نمو ومعدلات طلب عالية سنوياً تصل إلى نحو 7% وهو ما يضع المزيد من الأعباء على الجهات المسئولة عن المياه والكهرباء في المملكة ومختلف أجهزة الدولة الأخرى المعنية بتوفير الكهرباء والمياه بأقل التكاليف لخدمة أهداف التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة العربية السعودية.
وأفاد معاليه أن تلك المحطات العاملة بالطاقة الشمسية ستعمل في حال نشرها حسب البرنامج الزمني للمبادرة على تخفيض وتقليص الاعتماد على النفط والغاز ومشتقاته التي تقوم عليها محطات التحلية الحالية التي تستهلك نحو 1.5 مليون برميل.
وقال: إن ما يبعث على السرور هو أن التقنية الجديدة لمحطات تحلية المياه بالطاقة الشمسية ستعمل على تخفيض تكلفة إنتاج المتر المكعب من المياه إلى 1.5 ريال أو أقل من ذلك وبالتالي تحقيق هدف استراتيجي مهم وهو تخفيض تكلفة المياه والكهرباء المنتجة وهو الهدف الاستراتيجي الذي تعمل عليه وزارة المياه والكهرباء بالتعاون مع عدة أطراف من بينها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
من جانبه ربط وكيل وزارة التجارة والصناعة لشؤون الصناعة خالد السليمان بين توطين هذه التقنية وتطويرها وبين تحولها إلى مشاريع اقتصادية في الفترة القادمة لإنتاج المياه المحلاة للشرب والطاقة الكهربائية، مشيراً إلى أن ارتفاع معدلات الاستهلاك محلياً إلى مستويات قياسية وارتفاع التكلفة حتم على مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تطوير تقنية جديدة باستخدام مورد متجدد وهو الطاقة الشمسية لإنتاج المياه والكهرباء بأقل التكاليف الممكنة وهو ما تحقق. وقال: (إن هناك علاقة وثيقة بين الاستراتيجية الوطنية للصناعة والمبادرة الوطنية التي يتم الكشف عنها اليوم) مشيراً إلى أنه سينجم عنها توفير فرص استثمارية صناعية في هذا المجال.
وقدم سمو الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز لمعاهد البحوث عرضاً مصوراً لتفاصيل المبادرة والأهداف والآلية والبرنامج الزمني لها والمتوقع لها في الفترة القادمة وما لها من أهداف مهمة في المحافظة على البيئة واستغلال مصادر الطاقة غير الناضبة.
مشدداً على أن أهم أهدافها هو التوصل إلى طريقة جديدة لاستخدام تقنية (النانو) لتصميم وإنشاء محطات تحلية جديدة باستخدام الطاقة الشمسية تسعى إلى إنتاج مياه محلاة وكهرباء تبلغ تكلفتها ما بين 1 إلى 1.5 ريال للمتر المكعب الواحد بينما تبلغ تكاليفه في المتوسط ما بين 2 إلى 2.5 ريال وهو تقدم وصفه بأنه (رائع في هذا المجال) إذ سيعمل في حال اكتمال المبادرة الوطنية لتحلية المياه بالطاقة الشمسية إلى توفير المزيد من المياه والكهرباء المنتجة بأقل تكلفة ممكنة ملمحا إلى أنه يمكن بعد التوسع في نشر هذه المحطات الوصول إلى هدف تخفيض تكلفة الإنتاج دون الريال الواحد للمتر المكعب وتخفيض إنتاج الكهرباء إلى أقل من 30 هللة للكيلو واط في الساعة.
وأشاد سمو الأمير تركي بن سعود في عرضه بالدعم الكبير الذي لقيته المبادرة الوطنية من لدن القيادة الرشيدة التي تؤمن أن البحث العلمي كفيل بصنع الإنجازات، مشيداً في الوقت نفسه بتعاون جميع الأطراف مع المبادرة التي بنيت على أساس ما تحقق للمدينة من بحوث علمية استمرت نحو 3 عقود في مجال الطاقة الشمسية.
وأوضح سموه أن التعاون مع شركة IBM الأمريكية نجم عنه إنشاء مركز مشترك لبحوث تقنية (النانو) التي أسهمت في تطوير تقنيات جديدة تساعد في خدمة أغراض التنمية المستدامة في المملكة الرامية إلى توفير المياه والطاقة الكهربائية بأقل التكاليف الممكنة، مشيراً إلى أن التعاون مع الشركة الأمريكية نجم عنه التوصل إلى اتفاق بضمان حقوق مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في أية تقنيات يتم تطويرها في هذا المجال بما يعود بالفائدة على المدينة عند نشرها تجارياً والتوسع فيها في أي مكان بالعالم وهو ما يعني استثمار البحث العلمي المضني للمدينة في هذا المجال بما يحقق المنفعة لها ويحقق لها عوائد مستقبلية.
وقدم مقارنة بين تكاليف إنتاج المياه والكهرباء في محطات التحلية التقليدية وبين تكاليفها في محطات الطاقة الشمسية المستقبلية، مشيراً إلى أنها ستعمل على تخفيض التكلفة بنحو 40% من تكلفتها الحالية وهو هدف إستراتيجي مهم من أجل الأمن المائي وتعزيز القدرة الكهربائية في المستقبل القريب.
وأفاد أنه سيكون هناك لجنة إشرافية لتنفيذ المبادرة مكونة من عدة أطراف حكومية مستعرضاً مراحل التنفيذ والقدرات والطاقة المنتجة في كل مرحلة من المراحل الثلاث للمبادرة، مبيناً أنه تم البدء في المرحلة الأولى من المبادرة بإنشاء محطة الخفجي التي تقام على مساحة 4 ملايين متر مربع لإنتاج المياه والكهرباء بطاقة 30 ألف متر مكعب تكفي لسد احتياجات نحو 100 ألف نسمة، مشيراً إلى أن المرحلة الثانية ستشهد إنشاء محطة تبلغ طاقتها الإنتاجية 300 ألف متر مكعب ستمكن من الوفاء باحتياجات مليون نسمة بعد اختيار مكان تنفيذها الذي سيتم بالتعاون والتنسيق مع وزارة المياه والكهرباء.
وقدم سموه لمحات عن أبرز مجالات التعاون مع شركة IBM الأمريكية وتقنيات (النانو) والعوائد التي ستتحقق من خلال التعاون من خلال المركز المشترك بينها وبين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وطبيعة التقنية المستخدمة في تحلية المياه عن طريق عملية التناضح العكسي والمساهمة في حماية البيئة باعتبارها طاقة نظيفة وصديقة للبيئة وستعمل على تقليل الاعتماد تدريجياً على الاعتماد على المحروقات في تشغيل المحطات القائمة. وتطرق أصحاب المعالي الوزراء ومعالي رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية إلى أهمية المبادرة في هذا الوقت بالذات لأنها ستعمل على خدمة قطاعين حيويين هما المياه المحلاة وإنتاج الكهرباء من خلال محطات الطاقة الشمسية للتحلية مؤكدين أن هناك فرصاً استثمارية ستتاح للقطاع الخاص للاستثمار في المجمعات الصناعية التي سيتم إنشاؤها لتنفيذ المحطات الجديدة.