أظهرت الحادثة التي شهدتها دار الرعاية الاجتماعية في مكة المكرمة، أن هناك عدداً من الفتيات بعضهن تجاوزت أعمارهن السن القانونية التي تسمح بها أنظمة دار الرعاية باستضافتهن أو احتجازهن، فالأمر لا يهم لأن دار الرعاية لم تقم أو توجد إلا لإصلاح ورعاية الفتيات اللاتي يخطئن، فيتم علاجهن سلوكياً في دار الرعاية، وبعض البنات اللاتي مازلن في الدار قد انتهت محكوميتهن إلا أن ذويهم والأسر التي ينتمين إليها يرفضون استلام بناتهم بسبب زلتهن.
وهذا برأي جريمة كبرى ترتكبها هذه الأسر، إضافة إلى الجريمة السابقة التي أقدمت عليها هذه الأسر ولا تريد أن تعترف بها، فهؤلاء الفتيات ما كان لهن أن يحدن عن طريق الصواب ويرتكبن الزلل لو كانت تلك الأسرة تقوم بواجبها التربوي وأنها ربت ابنتها حسب ما تتربى عليه البنات وفق الشريعة والأخلاق الإسلامية، إلا أن التسيب والشقاق والخلافات في الأسرة الواحدة وانعدام الرقابة والانشغال بأمور الدنيا وترك أوضاع الأسرة غالباً لإنسان غير قادر سواء كان ذلك الإنسان رجلاً أو امرأة لابد وأن يوصل بعض أفراد الأسرة إلى الانحراف، ولا فرق هنا بين الشاب والفتاة إلا أن الفتاة تدفع ثمناً باهظاً، وثمناً كبيراً قد يقودها إلى الرذيلة ويوقعها في فخاخها وإلى الأبد، إلا ما رحم ربي. فالأسر التي ترفض استلام بناتها، والتي لو أحسنت التصرف وعالجت إهمالها السابق، واستلمت بنتها ومكنتها من الزواج وساعدتها على التوبة وتمكينها من البدء في حياة جديدة.
إذا لم تمكن تلك الفتاة من العودة إلى الطريق السليم وعن طريق أسرتها فإنها حتماً سيدفعها القنوط والإحباط والنظرة الدونية والتعامل الإقصائي إلى الانغماس في طريق الرذيلة وهذه جناية أشد، وخاصة إذ تخلت الأسر عن بناتها اللاتي نبذن المعاصي وتخلين عن سلوك شائن وربما غلطة واحدة بعد أن زلت قدمها فوقعت في معصية بتغرير من أحد الذئاب الذي نجا بفعلته، يسرح ويمرح وقد يوقع آخريات، في حين تعاني الفتيات حتى الساعيات إلى الستر والعودة إلى الطريق الصحيح.
jaser@al-jazirah.com.sa