من نعم الله السخية علينا ما تنعم به المملكة من أمن وأمان واستقرار وسكينة على الرغم من القلاقل والأزمات التي تحيط بالمنطقة العربية التي تغلي فوق صفيح ساخن.
وذلك لم يأت من فراغ بل من قيادة حكيمة وواعية على رأس الهرم، ومن ثم عيون ساهرة على أمن الوطن والمواطن.
جنودنا حراس هذا الوطن، ورجالنا الساهرون على مكافحة الإرهاب والفساد والمخدرات والآفات العظام، ورجال الشرطة والمرور الحاضرون عند أي حدث من شأنه ترويع الآمنين وتخويفهم، ورجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الموجودون للحفاظ على الفضيلة ودعمها ومكافحة الرذيلة ومنعها، وغيرهم الكثير.. كل من موقعه يقدم شيئاً للوطن بالعلم أو العمل أو القلم.
والحدث الآني الذي تمر به المملكة في حربها مع المتسللين من اليمن، والذي يعتبر جرحا ينزف في جسد الوطن، هذا الحدث الذي استحضرته بتفاصيله المؤلمة حين أعلن الأمير خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع والطيران العثور على عشرين جثة لشهداء عند ربهم يرزقون.
فإلى أهل (الشهداء) الأبطال أقول..
لا تبكوا شهداءكم فهم أحياء عند الله يرزقون وهم في دار أفضل من دار الدنيا وفي نعيم - إن شاء الله -. لا أحد يبكي على شهيد ولا أحد يموت في الجنوب ذليلاً رخيصاً.. نحن من نموت عبثاً.
الآن نعرف أن خلف هذا الحدث رجال لم ولن تكون حكاياتهم كباقي البشر.. ولم تبدو طموحاتهم مثل بقية العالم..
خلقوا ليكونوا أبطالاً، وماتوا كي يعيش الناس، في الواقع مثل هؤلاء الأبطال لا يموتون بل يحيوّن حين توافيهم المنية.. وينطق التاريخ أسماءهم حين يلفظون أنفاسهم الأخيرة.
هناك في الجهة الجنوبية من المملكة رجال - بكل ما تحمل الكلمة من معنى - أرادوا النصر والفوز أو الموت دونه ميتة الأبطال الشهداء.
تركوا عائلاتهم وأمهاتهم وأصدقائهم ومتعهم والدنيا كلها خلفهم.. وذهبوا للدفاع عني وعنك وعن أرضهم التي يعشقون.
البعض منهم وافته المنية فمات بطلاً شهيداً، والبعض الآخر يعيش بين الجبال والجحور دفاعاً عن الوطن والمواطن - أعانهم الله على تحملها -.
أعتقد أنه من أبسط حقوق هؤلاء علينا هو أن نذكرهم وندعو لهم في العلن أو في ظهر الغيب، وأن نرد جميلهم وشجاعتهم وبطولتهم التي لا تقدر بثمن بأن نسمي الشوارع والطرقات في مدننا بأسمائهم، والمدارس والمعاهد والقاعات كذلك.. يجب أن نبدع في تكريمهم وتقديرهم كما أبدعوا في حمايتنا.
وأدعو وزارة التربية والتعليم بأن تخصص يوما أو حتى حصة دراسية واحدة لهم في المدارس كما تخصص أياما للشجرة والماء والحليب!.
يجب أن يقف الطلبة أمام ذكرى هؤلاء بتقدير وإجلال أمام هيبة موتهم وشجاعتهم وإقدامهم وصفاتهم وحكاياتهم وأسمائهم التي يجب أن تخلد إلى الأبد في ذاكرة الوطن.
أخيراً.. أوجه تحية إجلال وإكبار لأمهات جنودنا اللاتي شجعن مواقف وشجاعة أبنائهن وتغلبن على دموعهن وآلامهن واستودعوهن الله وصبرن حين فقدن فلذات أكبادهن وآمنوا أن أبناءهن في ذمة الله وحبل جواره وأنه أهل للوفاء والحق والرحمة وأنه جواد كريم.
***