لقد أحسنت صنعاً لجان الاختيار في جائزة الملك فيصل حين منحت القائد التركي المسلم رجب طيب أردوغان، جائزة خدمة الإسلام، فهي شرف له، وفي ذات الوقت هي جديرة به، في زمن يندر فيه من يصدع بالحق الإسلامي، ويدافع عن حقوق المسلمين بأسلوب معتدل يحمل الصدق والإخلاص بين جنباته.
إن دور أردوغان في هذا المجال المتعطش لمرتاديه؛ ظاهر للعيان، متعدد المناشط متنوع السياسات، رغم قصر المدة الزمنية التي تولى فيها سدة المسئولية، لكنه وصلها بجدارة واجتازها بتفوق، بعد زمن طويل ارتعدت فيه أوصال أعداء الإسلام من تركيا الإسلامية التي أطيح بها بعد أن حكمت مساحة كبيرة من المعمورة.
فعزم أعداؤها على بترها إلى غير رجعة، ملبسينها رداء العلمنة، التي ساهمت في تقهقر دورها الإسلامي ردحاً من الزمن، دون أن تحقق لها التقدم الدنيوي المأمول، ولكن ها هي تركيا أردوغان قد عادت إلى أحضان إخوانها المسلمين، وهو مكانها الطبيعي المفترض، بأسلوب حضاري في غاية الرقي، ورغم ذلك فقد استرجعت جزءاً من مكانتها وهيبتها أمام الأعداء قبل الأصدقاء، وقف فيها قائدها أردوغان أمام التعسف الصهيوني المتعجرف، بكل شجاعة وثبات.
من يرى تركيا الشعبية لا الرسمية حتى قبل أردوغان؛ يعلم أن معظم الشعب التركي كم هو محب للإسلام ومتعلق بتدينه بدرجة لافتة، ويعلم أيضاً كم هو ينافح من أجل عودة واستمرارية تركيا الإسلامية، والأدلة على ذلك عديدة أكثر من أن تحصى، تشهد عليها كثرة المساجد التي تنادي كل حين بكلمة التوحيد وأداء العبادات الإسلامية.
ومن ضمن تلك القصص الطريفة العديدة الجميلة؛ قصة حدثت لإحدى الصديقات التي حكتها لي بعد عودتها من أنقرة، حيث ركبت وزوجها سيارة أجرة وهي مرتدية النقاب الكامل، بينما زوجها قد تبسط في الشورت القصير، حينها أشار له السائق التركي رافعاً أصبع يده دليل الإعجاب بستر الزوجة، بينما أشار دون مجاملة بعدم الإعجاب إلى شورت الزوج، مستغرباً من تناقض منظر الزوجين، مصدراً حكمه الذي تمليه عليه فطرته وعاطفته الدينية، ثم أهداه الزوجين شريطاً قرآنياً لأحد المقرئين السعوديين، فأنصت إليه فوراً وهو في السيارة، ولم يملك أن يمنع عينيه من ذرف الدموع، مشيراً إلى زوج صديقتي بأن يتحسس ذراعه الذي اقشعر جلده من فرط الخشوع.
إنه نموذج من شعب تركيا المسلمة التي كرّمتها المملكة في شخص رئيس وزرائها النشط بإخلاص وتعقل، فإن كان هناك من كلمة أخيرة ليست بالأخيرة، فهي أن: جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام هي حقاً جائزة عظيمة، تحمل اسم بطل عظيم، منحت لقائد مسلم معاصر عظيم وسعد بها الملايين من المسلمين في الداخل والخارج.
g.al.alshaikh12@gmail.com