قال لي صاحبي الُمؤمِّل حَلَّا |
|
وطِّن النفس فالبشائر لاحت |
|
|
من إذا الحق بان لا ينكرونه |
أو لم يصبحوا (عياناً بياناً) |
سمع من ضيِم في الورى وعيونه؟ |
قلت: كم من مُؤمِّل يا صديقي |
أخلف الواقع المرير ظنونه! |
لم أشاهد فيمن أشرت إليهم |
زعماء يرعون ما يعلنونه |
كلَّ ما يزعمون محضُ نفاقٍ |
من نفوسٍ بحقدهم مسكونه |
حب صهيون، أو عصاه، سلاح |
زاده قوَّةً فزاد رعونه |
فِعلُهم ما يريد طوعاً وكرهاً |
ومراعاةُ أمرِه مضمونه |
وقيادات أمَّتي بين غافٍ |
عن نوايا العدى وما يرسمونه |
وزعيمٍ قد بات كلُّ مناه |
أن يمدَّ اليمين يرجو المعونه |
|
قال لي صاحبي وهو يحاورني مخلصاً ودوداً: لماذا أنت متشائم عبَّرت عن تشاؤمك بوضعك سؤالاً عما إذا كان هذا العام عاماً فيه تُصفَّى القضية الفلسطينية؟ ألست ترى أن الإدارة الأمريكية الحالية قد تَعهَّدت بالعمل على حل تلك القضية حلاً عادلاً يرضاه الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني ومن ورائه العربي؟ |
أليست أمريكا مصرة على وجوب أن تكون هناك دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل؟ أليس زعماء الدول الأوروبية ينادون بوجوب حل القضية الفلسطينية (أو ما يسمونها - ويسميها إعلام أمتنا المنزلق وراء الإعلام الغربي والصهيوني - مشكلة الشرق الأوسط) حلاً سلمياً تقوم بموجبه دولة فلسطينية؟ ولماذا تسمي ما قد يتوصل إليه من حل لتلك القضية، أو المشكلة، تصفية مع ما تحمله هذه الكلمة من مدلول؟ |
قلت لصاحبي: إن المُتتبِّع لتاريخ الإدارات الأمريكية المتعاقبة يرى أن تلك الإدارات الداعمة للكيان الصهيوني دعماً غير محدود كانت بين مُتصهينة كان لتصهينها دور مهم جداً في اتخاذ الموقف الذي اتخذته، ومطأطئة رأسها لتغلغل نفوذ الصهاينة في بلادها تغلغلاً واضحاً في مجالات حيوية داخل المجتمع الأمريكي بحيث أصبحوا يتحكمون - بدرجة كبيرة - في وصول من يصل إلى المجلس النيابي، كما يتحكمون في قراراته وما زال ذلك النفوذ قوياً، سواء كان من خلال تبني العقيدة الصهيونية أو من خلال النفوذ الصهيوني. |
وتَعهُّد الإدارة الأمريكية الحالية بالعمل على حل قضية فلسطين، ومناداتها بوجوب أن تكون هناك دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، ليسا أمرين جديدين يبعثان على التفاؤل، فحتى إدارة بوش المتصهينة السابقة كانت قد تعهدت بذلك العمل ونادت بما نادت به الإدارة الحالية لكن على أي أساس يكون ذلك التعهد بحل القضية؟ وأين ستقوم هذه الدولة المنادى بوجوب قيامها؟ أبقي من أرض فلسطين شيء لدولة - بكل ما ارتكبه الصهاينة من تمزيق وتهويد للأراضي التي احتلت عام 1967م بما فيها القدس، التي يرفضون رفضاً باتاً أن تعود غير يهودية؟ وما طبيعة سيادتها، أرضاً وبحراً وجواً؟ ثم ماذا وراء الإصرار الصهيوني المؤيد أمريكياً على أن يعترف العرب - وفي طليعتهم الفلسطينيون - بيهودية الدولة؟ وما عاقبة الاعتراف بذلك؟ وماذا عن حق العودة للفلسطينيين، وهو الحق الذي أقرته الأمم المتحدة؟ |
وأما موقف زعماء الدول الأوروبية فغير مختلف في عمومه عن الموقف الأمريكي اختلافاً ذا شأن ولعل من أدلة ذلك أن رئيس وزراء بريطانيا - مثلاً - استنكر حكم محكمة في بلاده بالقبض على وزيرة خارجية الكيان الصهيوني السابقة لكونها اشتركت بارتكاب جريمة حرب بالعدوان على غزة، وقال إنه سيؤيد ذلك الكيان لو أعاد عدوانه عليها أما مستشارة ألمانيا فأبدت استعدادها وترحيبها بإمداد الصهاينة بأحدث ما تنتجه ألمانيا من الغواصات. إن كل ما صرح ويصرح به الزعماء الغربيون ما هو إلا خداع ونفاق المراد منهما حقيقة إعطاء فرصة ليكسب الصهاينة مزيداً من الوقت لإكمال ما صمموا على تهويده من الأراضي المحتلة وما يجري على أرض الواقع أوضح دليل على ذلك ومما يلفت النظر ما بينته السيول في القدس من انهيارات في المباني والشوارع نتيجة ما حفره الصهاينة من أنفاق تحت الأرض هدفها الأكبر خلخلة أسس المسجد الأقصى كي ينهار في نهاية المطاف، ليحلَّ محلَّه بناء الهيكل المزعزم. أفلا يكفي كل ما ذكر نذيراً صارخاً لمن ألقى السمع وهو شهيد؟ |
|