عبر عدد من الاقتصاديين على هامش منتدى التنافسية المقام حالياً بالرياض عن وجهة نظرهم الاقتصادية حول زيادة الموارد المالية من الاستثمارات الأجنبية التي تتوقف على متغيرات كثيرة منها تنظيم وتوجيه تلك الاستثمارات داخل المملكة بما في ذلك سياسات وإجراءات وحوافز جذب الاستثمارات وإزالة العوائق التي تحول دون تحقيقها. وقال الدكتور عبدالرحمن السلطان أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الإمام محمد بن سعود لـ(الجزيرة): إن أي بلد في العالم لا يمكن أن يكون مصدراً ومستورداً لرأس المال في نفس الوقت فإذا أخذنا بالاعتبار أن هناك مبالغ ضخمة تقدر بحوالي 800 مليار دولار حجم استثمارات السعوديين بالخارج فهذا دليل على أن المملكة مصدر رئيس لرأس المال في الخارج، وأي جهد لاستقطاب رأس المال الأجنبي إلى المملكة يجب أن يثير تساؤلاً حول أسباب هذا الكم الهائل من الاستثمارات السعودية للخارج باعتباره مؤشراً على وجود ظروف غير مواتية للاستثمارات المحلية أو عدم وجود فرص استثمارية حقيقية داخل الاقتصاد المحلي مما أجبر المستثمريين المحليين للخروج. وأضاف السلطان «يجب أن نتعرف إلى عمق مشكلة هروب المستثمر المحلي لخارج المملكة وإيجاد حل لهذه الإشكالية, فهل هي القوانين والأنظمة أم الفرص الاستثمارية أم أن تطبيق التشريعات له دور في هروب المستثمر المحلي للخارج؟ فمتى ما وجد الحل استطعنا أن نقنع المستثمر المحلي بإبقاء استثماراته داخلياً فإنه سيكون من باب أولى أن يجد فرصاً جيدة لاستقطاب استثماراته».. ويرى السلطان أن جميع الجهود الحالية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية متمركزة الآن على قطاعات مثل المشاريع المؤقتة كالأعمال الإنشائية حيث إنها ليست استثمارات حقيقية والاستثمار الحقيقي هو أن يجد المستثمر الأجنبي بالمملكة فرصاً استثمارية جديدة مقارنة بما هو متاح بدول أخرى.بدوره أوضح الدكتور سليمان العريني الرئيس التنفيذي لشركة الإبداع للاستشارات عن أهمية التعرف على نوعية الاستثمار قائلاً: ما يهمنا بالدرجة الأولى هو القيمة المضافة سواءً بنقل المعرفة كالاقتصاد المعرفي أو كتقنيات في الصناعة البترولية والزراعة وتحلية المياه وغيره, وأضاف بقوله: إن من المهم جداً أن نعرف أن أي استثمار يجب أن نركز عليه فالمملكة ولله الحمد ليس لديها إشكالية برأس المال فهناك استثمار وهناك فائض بل ما يهمنا هو استثمارات صناعية وبحثية واختراعات تساعد في حل مشاكل البيئة المحيطة خصوصاً المحلية فيما يخص ندرة المياه وتطوير الموارد البشرية ومشكلة العمالة وكما نعلم أن سوق العمل بالمملكة يعتبر سوقا فريدا في العالم لأنه إلى حد ما واضح وقوي خصوصاً في القطاع الخاص وتركيزه على العنصر الأجنبي وأيضاً في القطاع الحكومي وبالتالي فهناك إشكالية. وأضاف العريني في حديثه ل(الجزيرة) «لا نبحث عن استثمار عادي أو رؤوس أموال محدودة يستطيع المستثمر السعودي أن يقوم بها فهذه لا تمثل قيمة إضافية مضاعفة للمملكة فالهيئة العامة للاستثمار بتعاونها مع المجلس الاقتصادي الأعلى ووزارة التجارة ووزارة العمل يجب أن يعيدوا تقييم الوضع والتمعن في نوعية واحتياج المملكة لنوعية الاستثمار الأجنبي وما هي المعوقات لهذا الاستثمار والتركيز على الاستثمار بعيد الأجل, ومهم جداً أن يكون هناك شراكة على مستوى الدولة لأنها في النهاية ستعكس مستوى التطور المطلوب».وعن المعوقات التي قد تعيق المستثمر الأجنبي، يقول الدكتور سليمان: إن الهيئة العامة للاستثمار بذلت جهوداً كبيرة من حيث تذليل المعوقات والإسراع بالإجراءات النظامية والتسجيل ونرى نتائجها واضحة ويستطيع أي مستثمر أجنبي أن يعمل خلال فترة وجيزة لكن التحدي الأساس هو ما نوع الاستثمار الذي نرغب به؟ وبرأيي يفترض أن تكون المملكة بلداً صناعياً لما تتمتع به من مقومات الصناعة لوجود المواد الصناعية الأساسية كالبترول ومشتقاته لتكون من ضمن الدول الصناعية المتقدمة كما نحتاج أيضاً إلى تقنيات جديدة تخص الزراعة وخبرات قوية مضافة بحيث يكون المستثمر الأجنبي شريك في المخاطرة.من جهته يرى الدكتور سعد القصيبي أن تنظيم آليات جذب الاستثمار وإعطاء شيء من المرونة للشركات المستثمرة لاستقطاب رؤوس الأموال الخارجية سيشجع على الاستثمار مع تعزيز بعض المجالات التي تتميز بها المملكة إضافة إلى عامل مهم وهو الاستقرار الأمني الذي تشهده المملكة والدليل على ذلك ما حصل العام الماضي من جذب كثير من رؤوس الأموال الخارجية ووجدنا شركات الاستثمار تتهرب من بعض الدول وتركز على المملكة.
وأضاف القصيبي أنه إذا ركزت المملكة على مجالات الطاقة الشمسية والتحلية وصناعات البتروكيماويات فمن الممكن أن تجذب رؤوس أموال ضخمة ويكون للمملكة قدرة لتنافس أكبر مع الدول الأخرى.