إذا كان المنتخب المصري لكرة القدم يبلي البلاء الحسن في النهائيات القارية في نسخها الثلاث الأخيرة بما فيها الدورة السابعة والعشرين المقامة حالياً في أنغولا، فإن الفضل يعود دون شك وبدرجة كبيرة إلى حامي عرينه عصام الحضري أفضل حارس مرمى في القارة السمراء في السنوات الست الأخيرة.
وحصد المنتخب المصري اللقب القاري في مصر عام 2006 وغانا 2008 وحقق 3 انتصارات متتالية في النسخة الحالية رافعاً رقمه القياسي في السجل الخالي من الخسارة إلى 16 مباراة متتالية وتحديداً منذ خسارته أمام الجزائر 1-2 في الجولة الثانية من نسخة 2004 في تونس، التي أنهاها بتعادل مع الكاميرون (صفر/ صفر) وخرج خالي الوفاض.
وحققت مصر بقيادة الحضري 12 فوزاً على منتخبات ليبيا وساحل العاج (مرتين) والكونغو الديمقراطية والسنغال والكاميرون (مرتين) والسودان وأنغولا ونيجيريا وبنين وموزامبيق، و4 تعادلات مع الكاميرون والمغرب وساحل العاج وزامبيا، في مبارياتها الـ16 الأخيرة في العرس القاري. وما دخول مرماه 9 أهداف بينها هدف واحد فقط في المباريات الثلاث الأولى في النسخة الحالية سوى دليل على علو كعبه.
وحرصاً من الجهاز الفني للمنتخب المصري على الاعتراف بما قدَّمه الحضري للفراعنة قرر إشراكه في المباراة أمام بنين 2/ صفر في الجولة الثالثة (الأخيرة) من منافسات المجموعة الثالثة، علماً بأن المباراة كانت تحصيل حاصل بما أن المنتخب المصري كان ضامناً تأهله إلى الدور ربع النهائي.
لكن شحاتة الذي أراح معظم لاعبيه الأساسيين ترقباً للدور ربع النهائي، فضَّل الزج بالحضري منذ البداية ليبقى اسمه مرتبطاً بالرقم القياسي في عدد المباريات دون خسارة، قبل أن يستبدله في الشوط الثاني ويُشرك حارس مرمى الزمالك عبدالواحد السيد. وصنع الحضري الملقب ب(السد العالي) مجداً لنفسه ومنتخب بلاده عندما قاده إلى إحراز اللقب في النسختين الأخيرتين، رافعاً رصيده الشخصي إلى 3 ألقاب، بعدما نال لقب نسخة 1998 في بوركينا فاسو، وهو يأمل بمواصلة تألقه ومساندة زملائه في إحراز اللقب الثالث على التوالي والسابع في التاريخ والرابع له شخصياً؛ ليحطم الرقم القياسي الذي يتقاسمه مع مواطنيه حسام حسن 1986 و1998 و2006 وأحمد حسن 1998 و2006 و2008، علما بأن الأخير سيحقق الإنجاز ذاته مع الحضري؛ كونه قائداً للفراعنة في النسخة الحالية. وأكد الحضري الذي احتفل بعيد ميلاده السابع والثلاثين قبل 6 أيام (15 يناير الحالي) أن «الجميع في المنتخب من لاعبين وجهاز فني لديه هدف واحد هو إحراز اللقب للمرة الثالثة على التوالي». مشيراً إلى أن هذا الأمر يتطلب المزيد من الجهد؛ لأن البطولة صعبة، والحصول على اللقب ليس بالأمر السهل. مضيفاً أن العزيمة القوية التي يلمسها لدى الجميع تجعله يفكر في تحقيق اللقب.
وتابع: «الأجواء رائعة داخل المنتخب، والجميع متفائل وعازم على الدفاع عن اللقب القاري بكل ما يملكه من قوة». مضيفاً «حققنا إنجازات كبيرة حتى الآن، لكن لقب أنغولا سيكون له نكهة خاصة؛ لأنه سيكون فريداً من نوعه؛ حيث لم يسبق لأي منتخب أن تُوِّج به 3 مرات متتالية، كما أنه سيمحو شيئاً من خيبة الفشل في التأهل إلى المونديال».
وأكد الحضري أنه يطمح إلى البقاء في الملاعب حتى يحقق حلمه باللعب في نهائيات كأس العالم عام 2014 في البرازيل. وقال «على الرغم من تقدمي في السن إلا أن ذلك لا ينقص من إصراري وطموحي في الاستمرار في الملاعب حتى أحقق حلم المشاركة في كأس العالم». مشيراً إلى أن حراس مرمى كباراً استمروا في الملاعب حتى سن الـ40 و41، خصوصاً قائد منتخب إنجلترا بيتر شيلتون.
وحقق الحضري كل الألقاب مع ناديه السابق الأهلي والمنتخب المصري، لكن يخلو سجله من المشاركة في كأس العالم، وهو حلم 80 مليون مصري منذ عام 1990 في إيطاليا، وفي مقدمتهم الحضري الذي يأمل بلقب حارس المرمى الأعظم في تاريخ الفراعنة.
وبلغ الحضري مرحلة النضج في السنوات السبع الأخيرة بفضل تألقه مع ناديه السابق الأهلي، وتحديداً عامي 2005 و2006 عندما قاده إلى الفوز بلقبي الدوري المحلي ومسابقة دوري أبطال إفريقيا. وبدأ الحضري مسيرته الكروية مع فريق دمياط (250 كلم عن القاهرة)، لكنه لفت الأنظار مع المنتخب الأولمبي عام 1994 في أول مباراة له معه على استاد القاهرة أمام نيجيريا في ختام التصفيات الأولمبية، وخسرت مصر بهدف وحيد سجله جاي جاي اوكوتشا، لكن الحضري كان الفائز الوحيد؛ إذ تعاقد مع الأهلي ليكون بديلاً لحارسه أحمد شوبير الذي كان على وشك الاعتزال. وانضم الحضري إلى الأهلي موسم 95 - 96 ولعب معه البطولة العربية التي استضافها عام 1996، وأحرز معه اللقب؛ لينطلق في مقدمة حراس الأهلي، ومنه إلى المنتخب الأول الذي ضمه إليه محمود الجوهري عام 1997م.
وشارك الحضري مع مصر في دورة بوركينا فاسو 1998، وتُوِّج معه باللقب من دون أن يلعب؛ لأنه كان بديلاً للحارس المتألق وقتذاك نادر السيد، والأمر ذاته في نهائيات عام 2000 في غانا ونيجيريا عندما خرجت مصر من الدور ربع النهائي. وخاض الحضري مباراته الدولية الأولى في تصفيات مونديال 2002، وتحديداً في المباراة التي خسرتها مصر أمام ليبيريا بهدف للنجم جورج ويا. كما شارك الحضري في دورة 2002 في مالي، لكن تراجع مستواه أبعده عن صفوف المنتخب في دورة تونس 2004 قبل أن يعود بقوة ويفرض نفسه أساسيا في تشكيلة المنتخب على حساب نادر السيد الذي بات احتياطياً له في الأهلي.
وسجل الحضري اسمه كأول حارس مرمى في إفريقيا والوطن العربي يحرز هدفاً في مباراة صنداونز الجنوب إفريقي في كأس السوبر الإفريقية التي فاز بها الأهلي عام 2002 من تسديدة من منتصف ملعبه، لكنه دخل في خلاف مع مدرب الأهلي البرتغالي مانويل جوزيه إثر خطأ في مباراة الفريق مع اتحاد العاصمة الجزائري في بداية المشوار الإفريقي عام 2005 أبعد إثره مباراتين، وسُحبت منه شارة القائد، ووُضع على لائحة الانتقالات. إلا أن الحضري دخل في تحد مع نفسه وعاد إلى التألق ليحرج كل معارضيه، وامتد تألقه من البطولة المحلية إلى البطولة الإفريقية التي كانت بوابته للانفراد بحراسة مرمى مصر بعدما قدم عروضاً لاقت استحسان الجميع.
وأرجع الحضري تألقه إلى مدرب حراس المرمى في الأهلي أحمد ناجي ومدرب حراس مرمى المنتخب أحمد سليمان اللذين يوليانه رعاية خاصة، ويقدمان له النصائح بشكل متواصل، كما أرجع تألقه إلى وجود منافسين قويين في الأهلي هما نادر السيد وأمير عبدالحميد، وفي المنتخب حارسي الزمالك عبدالواحد السيد ومحمد عبدالمنصف.
لكن الحضري دخل في دوامة عقب التتويج في غانا بعدما تعاقد مع سيون السويسري دون علم ناديه الأهلي؛ فأحدث مشكلة كبيرة وصلت إلى محكمة التحكيم الرياضي التي لم تقل كلمتها بعد. ولم تكن تجربة الحضري في سويسرا ناجحة، وعاد إلى مصر طالباً العفو من ناديه وأنصاره الذين اعتبروه خائناً بعدما أكد مرات عدة أنه لن يلعب لغير النادي الأهلي؛ فتحولت الجماهير من مساندة له إلى عدوة تهتف ضده في جميع المباريات حتى الدولية منها. وأمام رفض الأهلي عودته إلى صفوفه انضم الحضري إلى الإسماعيلي مطلع الموسم الحالي، بيد أن مشواره معه لن يكتمل على ما يبدو؛ لأن النادي يعاني مشاكل مالية، خصوصا بعودة لاعب وسطه المتألق حسني عبد ربه إثر انتهاء فترة إعارته إلى أهلي دبي الإماراتي؛ حيث سيواجه النادي مشكلة في تنفيذ عقده معه، الذي يصل إلى 5 ملايين جنيه في الموسم، وهو الأمر الذي وضع مجلس إدارته في ورطة لعدم القدرة على الوفاء بقيمة العقد؛ ما قد يؤدي إلى السماح برحيله إلى أحد الأندية، أقربها الزمالك الذي وصلت المفاوضات بينهما إلى مرحلة متقدمة، وكذلك المريخ السوداني.