يحز في النفس أن نرى مبادرات تشكيلية في العمل الخيري مشوبة بالاستجداء أو كما يطلق عليها العامة (الشحاذة) على حساب من يقام لهم المعرض من الفئات المحتاجة في مجتمعنا أو للمحتاجين من إخواننا المسلمين خارج الوطن عبر مؤسسات رسمية مقابل ما نسمعه من تبرع بالريع الكامل لأمسية شاعر أو مسرحية وغيرها من فعاليات الفنون والثقافة دون شرط أو قيد أو اقتطاع نسبة من ثمن أي من تلك المناشط، وقد يكون المعرض الذي أقامته التشكيلية الشابة والموهوبة نورة الجريس وتبرعت بغالبية أعماله لصالح جمعية إنسان كاشفا المفهوم الحقيقي لمعنى العمل الخير الخالص لوجه لله كما علق أحد المسؤولين في الجمعية أنهم لا يقتنون الأعمال ريعها كاملا للجمعية، وهذا بالفعل إجراء صحيح يطابق الهدف الذي يسعى إليه فاعلو الخير، ومن المؤسف أن نرى فعاليات تقام باسم هذا الفن ويدعى إليها التشكيليون من الجنسين لإقامة معرض خيري يتم فيه وضع نسبة معينة للفنان تصل إلى ربع قيمة اللوحة، ما ينافي الهدف الذي يحمله اسم المعرض (معرض خيري) أن في مثل هذا الاشتراط ما يعني دخول الفنان في ما الهدف من المعرض وفي ما سيأتي منه من مردود مادي هو في الأصل من حق المعنى به ومن قامت النية لفعل الخير من أجله مخالفا بذلك ما يعنيه العمل الخيري من التأكيد على التكافل الاجتماعي بين شرائح المجتمع، والإعلان عن ان ما سيعود به هذا المعرض مساهمة خالصة لله من التشكيليين باعتبار الفن عطاء إنسانيا يمكن من خلاله بذل الخير، وللتأكيد على أن هذا الفن رافد من روافد التنمية البشرية يمتلك التشكيليون فيه طاقة خلاقة تنكر الذات وتحرص على أن يكون البذل احتسابا لثواب الله.
لقد فشلت الكثير من هذه المعارض نتيجة ما تحمله من مشاركة في رزق من سيأتيهم ريعه من المحتاجين إضافة إلى لجوء المشاركين من الفنانين لرفع أسعار لوحاتهم لكسب أكبر قدر من النسبة، نحن لا نعترض على الفكرة بقدر ما نتأسى على كيفية التنفيذ من قبل الفنانين أظهروا زملاءهم في الساحة التشكيلية بهذه الصورة غير اللائقة بين أفراد المجتمع العام والمجتمع الثقافي.
لن أكون مبالغا أو متفائلا ولكني أقولها بكل ثقة أن من بين التشكيليين من هم على استعداد كامل للتبرع والمساهمة في مثل هذه المعارض الخيرية دون أي مقابل، وعلى استعداد لإقامة ورش تدريب وتعليم للفنون لمن لديه رغبة في الجمعية ومنها جمعية إنسان التي شهدت مساهمات جليلة ومشرفة من كثير من التشكيليين.
شر البلية ما يضحك
كنت أستمع لأحد البرامج الإذاعية في إحدى إذاعتنا المحلية استضاف المذيع فيه إحدى التشكيليات وأغدق عليها من المديح ما جعلني أشك في معلوماتي ومتابعتي للساحة ما يقارب الأربعين عاما لجهلي بالاسم الذي ألحقه بعد تلك العبارات ليعيدني إلى صوابي، هذا الأسلوب من التقديم والإطراء قد يعلي من شأن من وجه له المديح ويرفع معنوياته لكنه يضلل المستمع وتساءلت ماذا أبقى هذا المذيع لرائدات الفن التشكيلي السعودي نبيلة البسام أو صفية بن زقر أو منيرة الموصلي فقد استهلك كل ما يمكن أن يقال ومنحه لتشكيلية ناشئة، أما الأعظم أو المخجل فهو في إجابتها عن سؤاله عن المدارس الفنية التي أجابت على اثنتين منها بإجابات مقنعة نوعا ما لكنها عكرت الماء بالأخيرة حينما فسرت الأسلوب التجريدي بأنه (لخبطة ألوان وشخابيط) لا يفهمها إلا الفنان نفسه، هذا الوصف لفن عالمي أصبح اليوم سيد الفنون لم يكن مفاجئا فالتشكيلية الضيفة لا تعلم من الفن التشكيلي إلا رسم المناظر الطبيعية والنقل من الصور. كما أنها لا تعلم ماذا يدور في الساحة حيث تحدثت عن دور المعاهد الفنية في صقل المواهب مع أنه لا وجود لهذه المعاهد إطلاقا.
هذه المبالغة في الثناء على المبدع الشاب الذي يخطو أول خطواته في طريق اختصاصه أي كان في الفن التشكيلي أو كتابة القصة وغيرها والذي نراه في كثير من الصفحات ونسمعه في الإذاعات أو البرامج التلفزيونية ونعلم أن المذيع أو المحرر يسعى لإضفاء الصفة الجميلة على ضيوفه لكن الأمر قد ينعكس على الخطوات القادمة كما نشاهد لدى الكثير من الشباب.
monif@hotmail.com