Al Jazirah NewsPaper Friday  22/01/2010 G Issue 13630
الجمعة 07 صفر 1431   العدد  13630
 
الإعلام والتوازن
خالد الخضري

 

من الأولويات التي علينا أن نتوقف عندها في حديثنا على الإعلام المكتوب، والذي يركز على جانب مهم من جوانب المهنية الصحفية، هي أن يحقق الصحفي التوازن أثناء قيامه بتنفيذ مادة صحفية، ويقصد بالتوازن:

أخذ وجهة النظر الأخرى للموضوع.

هذا التوازن الذي يعتبر عرفاً في العمل الإعلامي، نجد أنه مسألة مطاطية مثله مثل القرارات العربية، والنظام الموجود في كثير من الوزارات في دولها، التي تجعل من النظام مطاطي، يمكن تفصيله بحسب المصلحة التي تتناسب مع بعض أصحاب النفوذ الذين يملكون من الحق، ما يجعلهم يقفزون على النظام، ويتخطون الحواجز، ولأن هذا ليس موضوعنا، لكن يجب أن نقدم للقارئ أمثلة تؤكد حقيقة ما يعيشه الإعلام العربي، فأين التوازن في كثير من المواد الصحفية التي يتم من خلالها التركيز على وجهة نظر بعينها، ودعم ذلك الرأي بكل الأساليب والطرق التي تستهدف إلى أن تجعل من تلك الوجهة هي الحقيقة الوحيدة التي لا يأتيها الباطل، بعيداً عن الاستماع إلى الرأي الآخر، حتى لو تم نقل وجهة النظر الأخرى، من باب أن نظهر كإعلام عربي، بأن إعلامنا نزيه، يتم قمع وجهة النظر الأخرى، وعدم إعطائها الحق في توضيح ما تريد أن تقوله، أو عدم إعطائها الفرصة الكافية لكشف الحقائق بحجة أن الوقت لم يسمح إذا كان عبر التلفزة أو الإذاعة، وبطبيعة الحال إذا كان ما ينشر عبر الصحف المكتوبة، فأنه من السهل تحريف أقوال الطرف الآخر بكل يسر وسهوله، هناك مثال سيء جداً، ومتداول كثيراً في صحافتنا، وهي الأحكام الجاهزة والفورية على الأشخاص، وبالذات في نشر الجرائم التي يرتكبها البعض تجاه أنفسهم أو تجاه بعض أفراد المجتمع من المقربين من هؤلاء المجرمين، ولكون الجريمة لا تبرر، لكننا يجب أن نتوقف عند أبعادها، وأهدافها ودوافعها التي تساعدنا ربما على معرفة الكثير من الخلفيات ربما ساعدت على التخفيف من هذه الجرائم، ومن ذلك الحكم على كثير من هؤلاء الأشخاص بأنهم شاذين عن المجتمع، وبأنهم ليسوا أبناءه، وبأنهم مرضى نفسيين، وهم لا يمكن أن يكونوا مرضى نفسيين في كل الحالات، كما يحصل في الأحكام الجاهزة لدى صحافتنا المحلية على مثل هؤلاء، هؤلاء مجرمين، ونحن عندما نطلق عليهم هذا الحكم ربما وجدنا لهم التبرير المرضي الذي يبري ساحتهم من العقوبة في بعض الحالات، فالمجنون مرفوع عنه القلم، ولا يمكن لنا أن نحاكمه محاكمة جائرة لأنه لا يعي ما يقوم به من سلوك، وهم في الحقيقة مخرجات هذا المجتمع، لماذا لا نتوقف على حقيقة هؤلاء، نتعرف على الدوافع من وراء هذه الجريمة التي تساعدنا على حل مشكلة اجتماعية كبيرة، خاصة بعد انتشار العنف الأسري، والقتل بين أفراد الأسرة الواحدة، خلاف القتل بين أبناء القبيلة، والعنف بكل أشكاله لا يأتي من فراغ مطلقاً، فإذا ما عرفنا أن بعض هؤلاء شباب عاطلين على العمل يمكن أن نجد لهم الحلول المناسبة من خلال الحد من الأعداد المتزايدة للبطالة، هذا مثال بسيط بخلاف القضايا الأخرى التي يمكن أن نعالجها بوسائل مختلفة، ويمكن أن تعمل جهات كثيرة ذات علاقة على علاجها، والتي على رأسها قضايا العنف الأسري التي كثيراً ما نتوقف عندها، ويتم نشر أحداثها من وجهة نظر واحدة دون التوقف على وجهات النظر الأخرى، مما جعلنا نبتعد في إعلامنا عن التوازن، ومن ثم لم نسهم في إيجاد الحلول المناسبة لهذه الظاهرة.



Kald_2345@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد