كان لقاء فريق الهلال الكروي مع نظيره فريق الرياض قبل ثلاثين عاماً تقريباً الذي انتهى بفوز الهلال بخمسة أهداف سجل ثلاثة منها البرازيلي (ده ديه) واثنين العالمي ريفالينو على ملعب رعاية الشباب بالملز آنذاك أول لقاء أحضره في الملعب.. وعلى مدى عشرين عاماً لاحقة داومت فيها على حضور اللقاءات الكروية في ملاعب عدة لا أذكر أنني خرجت من الملعب دون أن أسمع عبارة (سب) أو (شتم)، فبعض الجماهير لا يحلو لهم متابعة أي لقاء رياضي دون إطلاق عبارات من نوعية (يلعن أمك يا حكم)!! أو (يا ابن الكل....)!! وغيرها من الشتائم التي تؤذي مشاعر الحكام أو اللاعبين أو المدربين رغم أن هذه الألفاظ والعبارات تسيء لصاحبها قبل أن تسيء وتؤذي الطرف المقصود، فضلاً عن أن هذا السلوك المشين محرَّم شرعاً وليس من صفات المؤمن كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعَّان ولا اللعَّان ولا الفاحش ولا البذيء) ومع ذلك لا تكاد يخلو لقاء رياضي من طعن في الذمم أو لعن وسب أو قول بذيء فاحش ومن أجل ماذا؟! نتيجة مباراة رياضية لا تستحق أن يدفع من أجلها أي شخص حسناته لمن اعتدى عليهم بالقول يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا فريق أو بطولة!!
قال صلى الله عليه وسلم (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لعن المؤمن كقتله) فكيف يجرؤ أحد على سب أخيه المسلم بأعلى صوته من على المدرجات بسبب تسلّل لم يحتسب أو ضربة جزاء مهدرة أو فرصة هدف ضائعة ولا سيما أن كل من وجه إليه (السب أو الشتم) كان مجتهداً ليظهر في أحسن حالاته فلا يوجد لاعب يتعمد إضاعة فرصة هدف أو ضربة جزاء، ولا أظن هناك حكماً أو مساعد حكم يبيّت النيّة لهزيمة فريق محدد بدليل أن أخطاء الحكام لا يسلم منها فريق دون غيره حتى وإن ادّعى أنصار كل فريق أن فريقهم هو المظلوم تحكيمياً، فمنذ سنوات طويلة وهذه الأسطوانة المشروخة تتردد من كل الأندية حتى أندية الدرجة الثالثة!!
وأنا شخصياً أعرف مشجعين لا يستطيعون السيطرة على أعصابهم أثناء متابعة مباريات فريقهم المفضّل فتجد المشجع من هذه النوعية يسب ويلعن ويقذف ولا يسلم من لسانه أحد حتى لاعبي فريقه المفضّل ويظن بفعله هذا أنه يخلص لفريقه ولا يقبل أن يقع عليه أي ظلم وهو لا يدري أو ربما يدري أنه يظلم نفسه ويظلم غيره بمثل هذه التصرفات التي تكشف الفراغ الروحي الذي يعيشه أمثال هذا المشجع (اللعّان) وإلا لما كان يجرؤ على هذا القول الذي يجعله رسولنا الكريم بمثابة (القتل) ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مقاربات
قال تعالى: ?إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا? (31) سورة النساء.
ويقول فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - (لعن المسلم لأخيه من كبائر الذنوب فالواجب الحذر منه وحفظ اللسان من هذه الجريمة الشنيعة).
المشجع الرياضي الذي يغلب على ظنه ويعتاد من نفسه انفلات لسانه بمثل هذه الكبائر وعدم حفظ لسانه أثناء متابعته لمباريات فريقه هل يحرم في حقه في مشاهدة المباريات رغم أن الأصل جواز ذلك؟!
(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) وبعض الجماهير هداهم الله يتعمد إيذاء إخوانه المسلمين باللسان واليد أحياناً مثل الشغب الذي يجتاح بعض المدرجات وهذه من (الكبائر) التي تحتاج إلى توبة.. فالأمر خطير جداً.
المصيبة أن (السباب) والعبارات المشينة لا تصدر من صغار المشجعين المتحمسين فحسب، بل تصدر أحياناً من أناس (شابت) لحاهم ورؤوسهم وبعضهم في مناصب قيادية في أنديتهم ومن أجل ماذا مرة أخرى؟! مباراة في كرة القدم!!!!
البعض لا يكتفي ب(سب) الحكم أو اللاعب، بل يتجاوزه إلى سب أمه وأبيه وربما عائلته، فما أعظمها من جريمة وما أقساه من ظلم.
قد يظن البعض أن (سب) اللاعب غير المسلم أو الحكم غير المسلم جائز شرعاً لأن الأحاديث المذكورة نصت على المسلم والمؤمن، فإليك أخي المشجع الرياضي هذا الحديث.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلَّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة) صححه الألباني رحمه الله، فاللاعب أو المدرب أو الحكم غير المسلم معاهد معصوم النفس والمال والعرض فلا يجوز الاعتداء عليه.