سيكون الحديث عن حالتين إنسانيتين الأولى بمحافظة البدائع بالقصيم والثانية بمحافظة الأحساء، كمثالين لحالات كثر تمت مواجهتها بمثل ما لقيت هاتين الحالتين، فقد نشرت صحيفة الجزيرة مشكورة ولها الريادة - في ما أعلم - بتتبع هذه الحالات الانسانية في عددها (13549) بتاريخ 14-11-1430 هـ عن أوضاع أسرة تسكن الخيام وأبناؤهم مصابون بالعمى والإعاقات الأخرى، كما نشرت في عددها (13561) بتاريخ 26-11-1430 هـ عن حالة مصابة بالسرطان في الأحساء.
في الحالة الأولى ما إن تم النشر حتى بادرت إمارة القصيم مشكورة بالاتصال سريعا بالجهات المعنية بطلب الإفادة عن وضع العائلة والخدمات المقدمة لها (فتنبهت) تلك الجهات وبدأت البحث عن عنوان العائلة, بالإضافة إلى اتصالات من مواطنين راغبين بفعل الخير والإحسان ، وحسب محرر الجزيرة فإن العائلة تسكن خياماً داخل نطاق محافظة البدائع ومع ذلك يأتي الاهتمام من محافظة عنيزة بمؤسساتها الرسمية والخيرية فأين المؤسسات المماثلة بالبدائع؟ ما عدى جمعية البدائع الخيرية التي قررت دفع نصف إيجار مسكن للعائلة غير أن العائلة لم تتمكن من دفع النصف الآخر حيث إن ضمانها الاجتماعي المتدني لا يكفي لمصاريفها اليومية الضرورية جداً وهم معاقون وعميان لا دخل لهم يسندهم، وهنا سؤال لجمعية البدائع الخيرية (مع التقدير لجهودهم): هل حاولتم نقل معاناة العائلة إلى جهات حكومية أو أهلية لديها إمكانات أكبر من إمكاناتكم، أم اكتفيتم بعجزكم عذرا لكم؟! ومن خلال متابعة سريعة عما تم لهذه العائلة وما حصلت عليه من مساعدات تبين أن المواطنين الأفراد محبي الخير هم الذين أوفوا بوعودهم وقدموا ما باستطاعتهم من إعانات مادية للعائلة، أما الجهات الرسمية ذات العلاقة المباشرة وجمعيات للخدمات الانسانية بالخصوص فلم تقدم إلا حماساً وعبارات عاطفية تلاشت مع الأيام.
أعود إلى الحالة الإنسانية في الإحساء فبعد النشر عنها في الجزيرة جاء التطمين فاتراً من المتحدث الإعلامي في صحة الإحساء في خطاب للجزيرة يقول فيه: إنه بعد اطلاع سعادة مدير الشؤون الصحية بالإحساء (ماذا فعل)؟ وجه سعادته بإحالة الموضوع للجهة المعنية لتقديم ما يلزم.. علما ً بأن المريض (الحبابي) الذي يعاني من السرطان على قائمة الانتظار منذ أكثر من عام !! فإن كانت مؤسساتنا مؤهلة لخدمة المواطن فلا عذر لها عن التقاعس وإن كانت عاجزة فلا عذر لها عن عدم المطالبة بإمكانات أفضل، يجب أن تتوفر الشجاعة لمقابلة مسئولين أكبر في قطاعاتهم وعرض آرائهم ومطالبهم حتى تتحقق الأمانة وتتوفر الخدمات على وجهها الأكمل فالقنوات مفتوحة والأبواب في الإمارات على مصراعيها.
سؤال أخير: لماذا كلما عرضت حالة أو مشكلة عبر الصحافة تحركت الهواتف والرسائل الاستفهامية عن الحالة ثم تغيب الحلول، هل لا بد من النشر حتى يعرف مدير الجمعية أو المستشفى أو البلدية أو غيرهم حدود مسؤولياتهم؟! الغريب في مثل هذه الحالات أن بعض هؤلاء المسؤولين يطلب نشر الرد في ذات الصفحة، والرد بالتأكيد لا يعني تحقق الحلول.