جازان - سجى علاقي
تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان دشَّنت جامعة جازان موسمها الثقافي الثالث تحت شعار (سلمت يا وطني) بمحاضرة لمعالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل بعنوان (مقومات حب الوطن في ضوء تعاليم الإسلام) بقاعة الاحتفالات الكبرى بالجامعة.
وألقى معالي مدير جامعة جازان الأستاذ الدكتور محمد بن علي آل هيازع كلمة قال فيها: «ابتداء كلمة شكر وعرفان للإنسان الذي كان لنا في الجامعة أعلى البنيان، لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، الذي قال لنا منذ اليوم الأول إن الجامعة رسالة بناء للإنسان قبل أن تكون إعلاءً للبنيان».
وبيَّن معاليه أنه ما زالت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التاريخية لجازان خالدة؛ فهي غيَّرت معالم جازان، ولسنا في هذه الجامعة إلا ثمرة من تلك البذور، وفي الفروسية النبيلة، حين وقف ولي الأمر فارساً على الشبر الأخير من محنة الحدود وسداً في وجه المارق الباغي ورسالة إلى ابن الوطن حول الحبل المتين ما بين القيادة في القلب والمستكن بأمان في الشبر الأخير لأمة لا تفرط في شبر إلا ومدت ذراعها الطويلة إليه.
ثم إن الحقيقة تبقى أن هذا البلد لا يعدمُ البشارة، وكم هي بشارة العام في عودة ولي العهد الأمين سلطان الأمراء إلى أهله يرفل في ثياب العافية إلى العيون التي تعافت بعودته وتباشرت برؤيته.
وأشار آل هيازع قائلاً: «إن جامعة جازان تسخر جميع إمكانياتها لخدمة هذا الوطن الغالي. حفظ الله هذه البلاد المباركة من كل سوء، وأدام عليها نعمة هذه القيادة الراشدة في ظلال خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني».
حب الوطن
بعد ذلك ألقى معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل محاضرته بعنوان (مقومات حب الوطن في ظل التعاليم الإسلامية)، التي قسمها إلى ثلاثة أقسام:
التأصيل الشرعي لحب الوطن والاعتزاز به، وأكد أن حب الوطن غريزة فطرية في جميع البشر مسلمين وغير مسلمين، فما بالنا ونحن بلد الحرمين، وأن الانتماء الوطني يعني حب الوطن والاستعداد للتضحية من أجله، والمحافظة على كيانه الاجتماعي من خلال الالتزام بالقيم الوطنية السائدة في مجتمعه، والانتماء من الفطر التي فطرنا الله عليها، ولقد تقرر في الكتاب والسنة مشروعية حب الوطن ذاكراً العديد من الآيات والأحاديث الدالة على ذلك، مبيناً أن الرباط على الحدود لحماية أرض الوطن يعد من الجهاد في سبيل الله تحقيقاً لقوله صلى الله عليه وسلم «الرباط في الثغور جهاد في سبيل الله، ورباط يوم خير من صيام شهر وقيامه».
وشرح أبا الخيل الوسائل والأساليب التي اتخذها الأعداء في خلخلة الأمن الفكري وإبعاد الناشئة عن الانتماء إلى وطنهم وحبه؛ حيث ذكر أولى هذه الوسائل إبعاد الناشئة عن المصدرين الرئيسين للإسلام ومبادئه وهما الكتاب والسنة عبر طرق ومجالات متنوعة منها: التقليل من شأنهما وصرف العناية بهما، والعمل على ترويج الشبه والتأويلات الفاسدة التي يتلاعب فيها بكثير من عقول الناشئة، ووصف كل مَنْ يأخذ من الكتاب والسنة بالتخلف والرجعي، والفصل بين الكتاب والسنة؛ حيث إن هناك جماعة ترى أنه لا يؤخذ إلا بالكتاب، وهؤلاء هم الخوارج.
وبيَّن أن ثاني هذه الوسائل التي اتخذها الأعداء في خلخلة الأمن الفكري وإبعاد الناشئة عن الانتماء إلى وطنهم وحبه هو الضعف الأسري؛ حيث إن الأسرة هي حصن حصين وحامية النشء من المزالق.
وثالثها ضعف الجانب التربوي والتوجيهي فيما يتعلق بروح الانتماء في بعض المؤسسات التعليمية والتربوية؛ حيث بيَّن أن الجانب التعليمي يقوم على ثلاثة أركان هي المعلم والطالب والمنهج، وأن المعلم والمربي هو أعظم هذه الأركان.
ورابع هذه الوسائل هو التقليل من شأن العلماء والتحذير من الرجوع إليهم والأخذ بأقوالهم، والنيل من ولاة الأمر إما بسب أو قدح أو همس أو لمز.. ونعلم أن مَنْ يقوم بذلك جماعات انحرفت عن الطريق السوي وأرادت الفصل والعزل بين الحاكم والمحكوم لتحقيق أهدافها وغرس أفكارها الضالة المنحرفة التي ليس لها نتاج إلا الفوضى والخوف وزعزعة الأمن والاستقرار.
وخامس هذه الوسائل، التي اتخذها الأعداء في خلخلة الأمن الفكري وإبعاد الناشئة عن الانتماء إلى وطنهم وحبه، وجود بعض الجماعات والاتجاهات الفكرية المنحرفة، التي استحوذت على أبنائنا بفكر منحرف مستغلين العواطف لدى الشباب.
وبيَّن معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل في الجزء الثالث من محاضرة (مقومات حب الوطن في ضوء تعاليم الإسلام) أن ذلك يتحقق في الحث على المحافظة على مكتسبات الوطن وخيراته، والدفاع عنه، وعدم التفريط فيه، ثم التذكير بنعمة الأمن التي تعيشها هذه البلاد في ظل تحقيق التوحيد ولزوم جماعة المسلمين، والسير وفق توجيهات العلماء المخلصين، والسمع والطاعة لولي أمر المسلمين وإمامهم الذي هو منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين الذين دافعوا عن أوطانهم ووقفوا في وجه كل من أراد الإساءة إلى بلدهم أو النيل من مقدراته، وهذا أصل شرعي مدعم بالأدلة.
بعد ذلك أُلقيت قصيدة وطنية بهذه المناسبة للشاعر محمد بن إبراهيم يعقوب، ثم فُتح باب النقاش والحوار، تلاه تكريم جامعة جازان لمعالي مدير الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل لاستجابته لدعوة الجامعة للمشاركة في فعاليات موسمها الثقافي الثالث تحت شعار (سلمت يا وطني)؛ تضامناً مع جنودنا البواسل.