تنسرب أشعتها حيث أي صورة أو خبر..
عيون لا تحصى تتبع سطور المحابر، وأصوات الحناجر: هاييتي، وأبواب السجون اقتحمت والأجساد خلف القضبان تدافعت، والأسلحة تمطقت بها الخواصر، فيما الجثث تحت الأنقاض والمدينة القائمة (ليوغان) أثر بعد عين غدت..
يد الناموس في هجمة الزلزال لم تميز بين لون ولا عرق ولا مقام ولا جنسية, ولا مسؤولية؛ فالمواطن، والزائر، والموظف، والبحار، وممثل المنظمات الدولية، وقائد المركبة وتلميذ المدرسة، وقطاف الثمار، وبائعو الزهور، والمسالم والمحارب، والمباغض، والمفكر والفنان، وصاحب الأرصدة وشحيح اليد جميعهم تحت الأنقاض، وليوغان تشظت، واغتيلت، وانقضت ساقاها، وسقط ظهرها..
ليلها مرعب، ونهارها مقلق.. اختلط العمل الطيب بين أيدي المنقذين بالعمل السيئ بين المستفيدين من منعطفات المصائب وهي تحل وتلقي ظلاها الثقيل، وتوطد قدميها المدمرتين..
هناك، حيث لا تزال أصوات مجهولة تبح خوفها في المجهول، وآذان تُغمس آلات على صدى سمعها، اختلطت الحدود من أجل لقمة وأسمال، ومضجع وأركان..
وهنا، صغار يتحلقون حول أمهاتهم، يفتحون صناديقهم الملونة، يخرجون بعض ريالات حصدوها من مصروفهم المدرسي اليومي، يقدمونها وهم يسألون: هل لنا أن نساعد هاييتي الآن، يهزون رؤوسهم: «ربنا سيتقبل حتى وهم ليسوا مسلمين»، يؤكدون لبعضهم وكفوفهم ممتدة بالريالات: «هم بشر من خلق الله يحتاجون»..
تتصاعد القيمية في الفارق بين انتهازية الموقف في صدور كبار هناك، وبينها في إيثارها داخل صدور غضة, وألسنة بضة، ودخيلة تضيء كما الفضة هنا..
جوفان في صدور البشر، حيث يُنير بعضها يضيءُ، وحيث يُظْلِم بعضها يَظْلِمُ...