هل يمكن للهيئة العامة للسياحة والآثار المشاركة في الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر أو أن تحقق نجاحاً في تنمية دخل الفرد، وتحسين مستوى المعيشة من خلال بناء المشروعات السياحية في المناطق الأقل حظوة بمشروعات التنمية، أو تلك التي تشتكي من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمها مشكلة الفقر؟
أجزم بأن الهيئة العامة للسياحة والأثار ربما قدمت الحلول العملية لتنمية المناطق إقتصادياً، اعتماداً على مقوماتها الطبيعية، وتنويع مصادر الدخل، وفتح قنوات جديدة للكسب الحلال أمام سكان المدن، والقرى البعيدة التي تعاني من تدني مستوى دخل الفرد، وندرة الفرص الوظيفية. فالتنمية السياحية ليست ترفاً، كما يعتقده البعض، بل هي مجال رحب للتنمية الاقتصادية والنهوض بمستوى المعيشة وتطوير المجتمعات النائية ودمجها بالمجتمع الأكبر ونقل الثقافات وتحقيق المستوى المقبول من الاندماج والتواصل بين مكونات المجتمع.
يمثل قطاع السياحة المصدر الأهم للموارد المالية لبعض الدول الغربية والعربية، ومنها مصر، ولبنان اللتين يمثل قطاع السياحة فيهما القطاع الأكثر مساهمة في الناتج المحلي. قد يكون لمقومات السياحة دور بارز في جعلها المصدر الأهم للدخل، إلا أن تلك المقومات تحتاج في الغالب إلى جهة مسؤولة تتمتع ببعد النظر، والانفتاح ما يمكنها من تحويل مناطق السياحة والآثار المهملة إلى دُرر سياحية توازي في قيمها الثقافية، وخصائصها الترويحية، المناطق العالمية الأكثر جذباً للسياح.
حاولت أن أربط بين إستراتيجية مكافحة الفقر وبين مشروعات الهيئة العامة للسياحة والآثار في محافظة الليث المزمع طرحها على المستثمرين بعيداً عن الأهداف السياحية التي يفترض أن تكون الهم الأول للهيئة. فتنفيذ مثل تلك المشروعات السياحية الطموحة باستثمارات مالية بحدود 610 ملايين ريال قد تساعد المحافظة في تحقيق أهداف اقتصادية تنموية موازية، ومن خلالها يمكن توفير الكثير من الوظائف لسكان المحافظة، وتطوير الحياة الاجتماعية، وخلق فرص استثمارية صغيرة ومتوسطة تساعد على المدى المتوسط والبعيد في تنمية المحافظة اقتصادياً، والقضاء على شبح الفقر الذي يُحيط ببعض قُرى محافظة الليث.
اهتمام الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، بتنفيذ المشروع في أسرع وقت يحمل في مضامينه الكثير من الرؤى التنموية التي يمكن أن تُساعد محافظة الليث على النهوض تنموياً، سياحياً، واقتصادياً ما يعني تحقيق أهداف متنوعة من خلال «المشروعات السياحية» الطموحة.
للأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، جهود مضنية في تذليل معوقات السياحة وضمان خلق شراكات بين الهيئة والوزارات والإدارات الحكومية المختلفة لضمان تحقيق أهداف هيئة السياحة الطموحة والنهوض بالمناطق السياحية والآثار المنسية خدمة للوطن والمواطنين.
علاقة الأمير سلطان بن سلمان بالجمعيات الخيرية المتخصصة، ومعايشته المستفيدين من خدماتها، تؤهله لدمج رؤى تنمية الفرد والمجتمع بخطط الهيئة العامة للآثار والسياحة، فتتحقق أهداف أخرى تُضاف إلى الأهداف الرئيسة وجميعها تصب في مصلحة الوطن والمواطنين. لا يمكن القول بمصادفة تحقق أهداف التنمية الاجتماعية، الحضرية، والاقتصادية. فالخطط الشاملة لهيئة السياحة والآثار تتعدى في الغالب الأهداف السياحية إلى أهداف أخرى أكثر شمولية وعطاء.
تعاني بعض المحافظات النائية من بعض المشكلات الاجتماعية، ويغلب على سكانها الفقر، وتفتقر مدنها وقراها للحد الأدنى من التنمية، بالرغم من انخفاض تكلفة التغيير والتنمية فيها، مقارنة بالمناطق الأخرى، في الوقت الذي تتمتع فيه بمقومات السياحة التي يمكن من خلالها تحقيق التنمية الاجتماعية الاقتصادية، وفتح قنوات استثمارية جديدة تنهض باقتصاديات تلك المدن والقرى وتساعد في توفير الوظائف ورفع معدلات الدخل فيها.
الدور التنموي الكبير الذي تقوم به الهيئة العامة للسياحة والآثار في حاجة إلى دعم الوزارات والإدارات الحكومية، وإزالة جميع المعوقات التي تعترض خططها الطموحة، إضافة إلى توفير الميزانيات الكافية لتحقيق التغيير المنشود.
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM