كراسي البحث العلمي التي يتم تأسيسها في الجامعات السعودية، سواء من قبل شخصيات معتبرة في المجتمع السعودي أو من قبل جهات واعية من القطاع الخاص بأهميتها ودورها في منظومة المسؤولية الاجتماعية، هذه الكراسي التي لا تخلو الصحف اليومية والوسائل الإعلامية من الحديث عنها بالخبر أو التقرير أو التغطية، تعتبر علامة فارقة في مسيرة المملكة الحضارية وتعزيز مكانتها العالمية، في ظل قيادة حكيمة تدرك أبعادها الإيجابية في الكشف عن كل مفاتيح الحضارة الإنسانية والأسرار الكونية، خاصة أنها تأتي منسجمة مع المقاصد العليا لرسالة الإسلام التي بدأت تأمر بالعلم وتحث على المعرفة وتشجع كل النوايا الخيرة في مجال البحث العلمي والتطوير التقني، لأن ذلك يسهم في عمارة الأرض واكتشاف خيراتها والمشي السوي في مناكبها.
ولاشك أن في تأسيس هذه الكراسي ودعمها بالإمكانات المالية والمادية يعتبر خطوة رائدة في الطريق الصحيح، ونقلة مهمة في التفكير العلمي الجماعي على مستوى قطاعنا التعليمي العالي، غير أن ذلك يحتاج إلى العمل الجاد والمؤسسي على أن تكون هذه الكراسي في فكرتها وأعمالها وأهدافها (ثقافة عامة) لا تخاطب النخبة فقط، إنما تتجاوزها إلى كل أوساط المجتمع، بحيث تتحول إلى (ممارسة اجتماعية) يقوم بها الطالب في مدرسته، والمرأة الباحثة في معملها، والأستاذ في مكتبته، والتاجر في الأسواق العالمية وغيرهم، فتتحول هذه الممارسة الجماعية لواحدة من أهم مفاتيح الحضارة إلى سلوك حضاري عام وثورة علمية حقيقية في كل أرجاء الوطن، ما ينعكس إيجاباً على كل تفاصيل حياتنا اليومية في شتى المجالات التنموية كالتعليم والصحة والصناعة وغيرها، فهكذا نهضت الأمم وقطعت أشواطاً طويلة في مسيرتها الحضارية حينما اعتمدت على جهودها الذاتية، من خلال البحث العلمي بكل أنواعها عن طريق كراسي معتمدة في المؤسسات العلمية الأكاديمية وهي بلاشك الجامعات، وهي في بلادنا تربو على 25 جامعة في مختلف مناطق المملكة.
****