استقبلت المرأة السعودية العام الجديد عبر بهجة استعادة عدد من الصكوك، صكوك ممتلكات وأراض ومنقولات استُلبت منها عبر التاريخ (لأسباب من الصعب حصرها الآن)، ولكنها كانت تتم في الغالب عبر تغييب بعض النصوص الشرعية أو الالتفاف عليها.
صكها الأول كان مشهد خادم الحرمين الشريفين يخلع على هامة د. خولة الكريع وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى, كان يمنحه عندها لكل امرأة سعودية ذكية بمواهب متعددة قادرة على دفع المسيرة الإنسانية خطوات إلى الأمام ضد المرض. الصك الثاني عندما استقبل الأستاذة نورة الفايز ضمن القيادات التعليمية؛ فالمرأة كانت هناك تحتل مقعداً في مركبة المستقبل بعد أن استعادت واسترجعت حيزها ضمن القيادات العليا، ومُنحت فرصة للتعبير عن قدرتها على استثمار مواهبها القيادية الخلاقة بشكل يستثمر ما قدمته الدولة في تعليمها وتأهيلها طوال الأجيال الماضية.
وحصلت د. لمى السليمان على منصب نائب رئيس الغرفة التجارية، وكانت تتواصل مع جدتها السيدة النبيلة الشريفة أم المؤمنين خديجة وقوافلها الصوائف والشواتي تجوب جزيرة العرب. وصول لمى السليمان قد يفسره البعض بكونه نتاجاً طبيعياً للتركيبة الاجتماعية المتحضرة التعددية لأهل المنطقة الغربية، وقد يفسره البعض الآخر بأنه متطلب مرحلي مُلحّ مع وجود مليارات الريالات الموجودة كأصول مجمدة تمتلكها النساء دون أن يكون لهن دور في استثمارها بشكل يدعم الاقتصاد المحلي، ولكن أقول أنا هنا: كل هذا ما كان سيتحقق دون دعم من الإرادة السياسية التي تسعى إلى كف يد التصنيف العنصري ضد النساء. أيضاً على الضفة المقابلة في الساحل الشرقي تصدت وزارة التجارة للهجمة الذكورية في انتخابات الغرفة التجارية ومنحت هناء الزهير وسميرة الصويغ مقعدين في مجلس إدارة الغرفة التجارية.
جميع ما سبق ليس فتات هبات أو عطايا؛ إنه ببساطة حقوق مسترجعة، استعادتها المرأة السعودية في عصرها الذهبي، عصر الملك العادل الذي يرفض أن تنتهب الحقوق المدنية لمواطناته، إنه الملك العادل الذي ينصاع لواجبات الولاية.
نشر الشيخ أحمد بن عبدالعزيز بن باز مقالاً في جريدة الوطن حول حقوق النساء في قيادة السيارات، جاء فيه «إن حق المرأة في الإسلام العيش بكرامة، وحقها في حفظ نفسها ومالها وعرضها؛ فهي صنو الرجل. إن الحقوق ليست ترفاً ولا تُمنح ولا يمكن التصويت عليها؛ فالملكية والحرية حقوق للإنسان منذ ولادته، والخوف على النساء من أن يُعتدى عليهن عند قيادة السيارة ليس مبرراً كافياً لمنعهن من القيادة؛ فهذه مشكلة أمنية أو تربوية بالدرجة الأولى وليست مشكلتهن». وختم مقاله بدعوة لإعطاء المرأة كرامتها وحقوقها الإنسانية والشرعية التي أعطاها الإسلام.
ونعود هنا لرأس المقال بأن جميع ما قُدِّم للمرأة ليس بهبات أو تنازلات أو عطايا، إنها ببساطة تسترجع صكوك حقوقها التي استُلبت منها منذ دهور طويلة.