حاوره - فهد العجلان:
أوضح ولي العهد الدنماركي الأمير فريدريك هنري كريستيان أن العلاقات الثقافية العربية الدنماركية تعود إلى عدة قرون، مشيرا إلى أن قلة من الناس يعرفون هذه الحقيقة، وأكد الأمير فريدريك في حوار خاص مع الجزيرة على هامش زيارته الرسمية للمملكة التي يلتقي فيها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وعددا من أصحاب السمو الأمراء والمسؤولين في المملكة أن بلاده تملك تاريخا موثقا من التفاعل الثقافي والتجاري مع العالم العربي والإسلامي يعود إلى ما قبل 1200عام، حيث كشفت الحفريات التي تمت في كل الأراضي الدنماركية عن عملات معدنية إسلامية عمرها 1200 عام. واستدل الأمير بعمق الوشائج الثقافية بين العرب والمسلمين بالدنمارك بما خطه ابن فضلان في رسالته التي تصف أسلوب حياة «الفايكنج»، وكذلك بالبعثة التي أرسلها ملك الدنمارك فريدرك الخامس عام 1761 م إلى العالم العربي التي مكثت لمدة 6 أعوام تتنقل وتوثق طريقة حياة الناس في هذه المنطقة العربية التي أسهمت إلى حد كبير في تعريف الشعب الدنماركي بثقافة المنطقة ودينها الإسلامي.
وقال الأمير الذي يزور المملكة للمرة الثانية ان هذه الزيارة قد أظهرت له مدى اتساع وعمق الثقافة السعودية، مشيرا إلى أن حكومة بلاده تدعم مبادرة الملك عبد الله في حوار الحضارات ودعم ثقافة السلام.... فإلى الحوار:
الثقافة السعودية
سمو الأمير... تزورون المملكة العربية السعودية للمرة الثانية وتمثل هذه الزيارة الأولى رسميا لكم، فكيف تقيمون تجربتكم وما الرؤية التي تحملونها من خلال هذه الزيارات؟
- نعم هذه هي زيارتي الثانية إلى المملكة، وكنت اتطلع إليها باهتمام. وقد أكدت هذه الزيارة بالنسبة لي أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية ومملكة الدنمارك في أفضل أوضاعها. وعلى الدوام، فحسن الضيافة الذي أجده في العالم العربي يغمرني بالسعادة. والاستقبال الحار الذي وجدته في المملكة من قبل جميع من قابلت وعلى رأسهم خادم الحرمين الملك عبد الله واصحاب السمو الأمراء والمسؤولين وأفراد الشعب السعودي، يثبت بما لا يدع مجالا للشك العلاقات الجيدة التي تربط بين بلدينا. وقد أظهرت هذه الزيارة بالنسبة إلى مدى اتساع الثقافة السعودية.
تاريخ موثق
العلاقات الثقافية والحضارية تمثل القاعدة لبناء الجسور المشتركة التي يبنى عليها التفاهم والتواصل... كيف ترون العلاقات الثقافية العربية الإسلامية مع الدنمارك؟
- هذه العلاقات تعود إلى عدة قرون، ولا يعرف هذه الحقيقة غير قلة من الناس، ولكن الحوار الثقافي بين الدنمارك والعالم الإسلامي ليس بالشيء الجديد.. وفي واقع الأمر، لدينا تاريخ موثق من التفاعل الثقافي والتجاري يعود إلى تاريخ بدايات الهجرة النبوية. وقد تم التثبت من هذا من خلال الحفريات الموجودة في كل أنحاء الدنمارك التي أظهرت عملات معدنية إسلامية عمرها 1200 عام من عهد النبوة. ولقد كانت التجارة بيننا وبين العالم العربي، سواء آنذاك أو الان، مثمرة للطرفين. وأيضا، فإن الفضول الثقافي الذي عبر عنه ابن فضلان في وصف زياراته المبكرة إلى أهل الدنمارك الذين كان يطلق عليهم أيضاً اسم ( الفايكنج)، تثبت عمق هذه الوشائج الثقافية بين الدنمارك والعالم العربي. وفي واقع الأمر، فإن رسالة ابن فضلان التي تصف أسلوب الفايكنج في الحياة من الممكن الاعتماد عليها اكثر مما ذكره المؤرخون الآخرون لتلك الفترة. وقد سار مؤرخون إسلاميون آخرون على نهج ابن فضلان وتجشم بعضهم عناء السفر إلى الدنمارك لثوثيق ثقافة أسلافنا. وفي المقابل، فقد أرسل ملك الدنمارك فريدرك الخامس في عام 1761م بعثة إلى العالم العربي ومكثت لمدة 6 أعوام تتنقل وتوثق طريقة حياة الناس في هذه المنطقة. والرحلة العربية، كما كان يطلق عليها أسهمت إلى حد كبير في تعريف الشعب الدنماركي بثقافة وديانة المنطقة. ومؤخرا، فقد تم تنظيم معرض دنماركي يشتمل على أهم مقتنيات تلك الفترة القديمة وقام بجولات على العالم العربي. فالنظر إلى تاريخكم من خلال عيون الغرباء هي إسهام إيجابية من أجل فهم أفضل للتاريخ العربي.
فضول التواصل
تحدثتم عن الفضول فهل لكم أن تصوروا لنا بعض مظاهره والبرامج التي تأسست في سياقه؟
- الفضول الذي يشعر به أهل الدنمارك تجاه هذه المنطقة يمكن رؤيته في الحفريات التي تجري في العديد من أرجاء المنطقة العربية، حيث لجامعة الدنمارك قصب السبق في هذا المجال نظرا لخبرتها في علم الآثار الإسلامية. فالجامعة وغيرها تقوم بعمل حفريات في مختلف أرجاء العالم العربي لتوثيق التاريخ الإسلامي المبكر، كما قام المؤرخون العرب بتوثيق التاريخ الدنماركي. وفي هذا الصدد، فإن علاقتنا لها فائدة للطرفين وتتجاوز مجرد لقاءات المسؤولين الكبار. واستمرار هذه العلاقات طوال القرون الماضية هي مثال قوي على أن حوارنا الثقافي واحترامنا المتبادل هما شيئان حقيقان.
برنامج الشراكة
المؤسسات والمعاهد الثقافية تعزز العلاقات بين الثقافات والشعوب.. كيف تقيمون دورها بين الدنمارك والعالمين العربي والإسلامي؟
- الحكومة الدنماركية تقوم بتمويل برنامج شراكة كبير للحوار الثقافي بين المعاهد العربية والدنماركية للعمل سويا في تعزيز قيمنا المشتركة. ولقد لاحظت أن الحكومة الدنماركية قد دعمت جهود الملك عبد الله حول ثقافة السلام وحوار الحضارات.