أما آن لهذا المسلسل أن يختفي؟ أما آن للأطفال أن ينعموا بحياة البراءة ليعيشوا أعوامها حتى يشبوا ويصبحوا مؤهلين لتأدية ما يقوم به الشبان والشابات والكبار من واجبات وأعمال يفرضها الشرع وتطلبها الحياة؟!
من حق الأطفال -والبنات منهن على وجه الخصوص- أن يتمتعن بطفولتهن، وأن يشغلن يومهن بمداعبة عرائسهن، لا أن يصبحن هن أنفسهن عرائس، وهن لم يتجاوزن بعد سن الطفولة.
فبين وقت وآخر تظهر على السطح عملية اغتيال لبراءة الأطفال؛ وذلك حينما يقدم أب على تزويج ابنته التي لم تتجاوز الـ12 عاماً، ويفرض عليها وعلى أمها أن (تُزَف) إلى اغتصاب براءتها..!!
ولا أدري: هل تجرَّد هذا الأب من إنسانيته، ولا أقول أبوته؟؛ فالأب يدافع عن أبنائه بحياته، ولكن ربما لفهم قاصر للضوابط الشرعية والصحية والإنسانية والنفسية؛ ففي كل حالات زواج الفتيات الأطفال التي وصلت أخبارها إلى الصحف، وهي طبعاً نسبة قليلة لما يحدث.
جميع هذه الحالات تُجبر فيها الطفلة على الزواج من رجل يفوق والدها سناً، فالطفلة ذات الاثني عشر عاماً أجبرت على الزواج من رجل مسن عمره ثمانون عاماً، كما تشير إليه بطاقة الأحوال الخاصة به.
وقد أظهر تحقيق صحفي أن الطفلة التي تدرس في المرحلة الابتدائية أكدت صارخة للصحفي أنها لا تريد هذا الزوج، ومناشدة المجتمع إنقاذها وظهرت اجابات الطفلة مرتبكة وغير مترابطة، وهذا يتوافق تماماً مع الإدراك الذهني وتفكير طفلة لم تعِ ما دُبِّر لها.
أما مأذون الأنكحة الذي اكتفى بتأكيد والد الطفلة من عمر ابنته ثلاثة عشر عاماً وبضعة شهور، ولم يكلف نفسه عناء النظر إلى الوثيقة الرسمية (دفتر العائلة)، ومردُّ ذلك، يقول مأذون الأنكحة، إن النظام لا يشترط تحديد سن الزوجة، وقال إنه لا توجد تعليمات واضحة وصريحة تنص على عدم عقد نكاح أي فتاة دون سن الثامنة عشرة، وأنه استدعى الفتاة وسألها عن رأيها ومدى قبولها بالزواج، وأنها وافقت برضاء تام منها ووقعت على ذلك بالموافقة..!!
والد الفتاة، من جانبه قال: فعلاً إنه زوَّج ابنته وقبض 85 ألف ريال، بنى بيتا للفتاة، بذلك المبلغ..!! وأنه لم يشرك طليقته في هذا الأمر، لأنه لا يهمني رأي والدتها.. (لماذا آخذ برأيها هي امرأة فاشلة ولا يوجد داع للأخذ برأيها)!!
أما والدة الطفلة، فقد رفعت الأمر إلى إمارة منطقة القصيم ورئاسة محاكم المنطقة؛ حيث اهتمت بالقضية التي أصبحت قضية رأي عام وحديث الجميع، ليس في منطقة القصيم فقط، بل في مناطق المملكة جميعاً وأنها أصبحت إحدى أهم القضايا المعروضة على هيئة حقوق الإنسان التي وجه رئيسها الدكتور بندر العيبان بتشكيل لجنة عاجلة من أعضاء مجلس الهيئة، ومن ذوي التخصصات الشرعية لمتابعة هذه القضية بالذات لمعالجتها ووضع تنظيم للحد من تكرار عمليات اغتيال براءة الفتيات الأطفال مع التأكيد على ضرورة وأهمية وضع تنظيم لمن يعقدون الأنكحة: أن لا يعقدوا عقداً لفتاة يقل عمرها عن ثمانية عشر عاماً، وأن يتم التدقيق ويحرص على رضى الفتيات من إتمام عملية الزواج خاصة في الزيجات غير المتكافئة بسبب فارق السن.
jaser@al-jazirah.com.sa