انفتح الفضاء علينا كعرب وأخذ يمطرنا بالصوت والصورة بسيلٍ لا ينقطع من القنوات التلفزيونية من الشرق والغرب إعلام لا تحده حدود، ولا تقيده قيود، إعلام قوي ومؤثر يبث وبشكل مستمر على مدار الساعة الكثير من أفكار العنف والجريمة والتفسخ الأخلاقي والترويج للرذيلة أمام أجيالنا العربية الشابة والتي تستقبل هذه الأفكار وتتشربها دون وعي منها بخطورة ذلك على مستقبلها، وفي ضوء ذلك يتساءل الغيورون على هذه الأمة ويقولون:
أي مستقبل ينتظر أجيالنا ومجتمعنا العربي في المستقبل القريب انظروا الآن حواليكم وسترون بعض مظاهر ومعالم تشير إلى تنامي هذا الواقع السيئ في صورة شباب مستهتر لا يعبأ بالآخرين ولا يهتم بمشاعرهم حيث لا يحلو لهم الحديث إلا بالوقوف بسياراتهم في وسط الشوارع الرئيسة يتحدثون خلالها طويلاً غير مبالين بمشاعر الآخرين ولا مدركين لحجم الأخطار التي قد يتسببون بها على أنفسهم أولاً ومن ثم على الآخرين ثانياً، وصورة أخرى لهذا الواقع تتمثل في جرائم قتل الأبناء للآباء وصورة أخرى تتمثل في تفشي إدمان التدخين بين الأطفال الصغار وصورة أخرى تتمثل في ارتداء الشباب للملابس الغربية وعمل قصات الشعر تقليداً لنجوم السينما والفن في الغرب وإطالة شعر الرأس بأشكال غريبة ومنفرة، وإدمان المخدرات والمسكرات، وتفشي السرقة وجرائم الأحداث وغيرها من مظاهر يصعب حصرها في هذه المساحة المحدودة من الورق، وقد يقول قائل وما الذي يمكن عمله للمحافظة على شبابنا العربي وحمايتهم من هذا الطوفان الفضائي المحمّل بالكثير من الأفكار الخطيرة؟
ولمواجهة هذا التحدي الحضاري ليس أمامنا من طريق سوى استخدام الأداة نفسها وأعني بها الإعلام ذاته.. فالإعلام العربي الفضائي مطالب بإيجاد البرامج العربية البديلة بحيث لا تترك لهؤلاء الشباب لا الفرصة ولا الوقت للانصراف إلى الإعلام الأجنبي، وهذا يتطلب العمل بشكل جاد ومسؤول لصنع برامج تلفزيونية ممتعة ومفيدة وتعمل على تلبية احتياجات ومتطلبات الشباب العربي وتتواكب مع معطيات العصر وقضاياه، ولتحقيق هذا الهدف فلا بد من رصد ميزانيات مالية كبيرة ينفق منها على هذه البرامج وبحيث يستقطب لها أفضل الكفاءات البشرية المؤهلة والعمل على توفير أحدث الأجهزة التقنية فضلاً عن توافر إدارة واعية ومسؤولة ومدركة لأهمية العمل الذي تقوم به، كل هذا سوف يعزز بشكل كبير من إمكانية تقديم أعمال تلفزيونية رائعة ومبهرة ومفيدة لتغني الشباب العربي وتحقق لهم الإشباع النفسي والمعنوي بعيداً عن مخاطر الإعلام الأجنبي.
malmadi777@yahoo.com