Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/01/2010 G Issue 13624
السبت 01 صفر 1431   العدد  13624
 
أفغنة اليمن والذاكرة السياسية!

 

تفسير حضور تنظيم القاعدة الإجرامي في اليمن يمكن قراءته في سياق التقارب في طبيعة التركيبة السكانية القبلية، وتشابه التضاريس الطبيعية بالأنموذج الجبلي بين اليمن وأفغانستان؛ فالتنظيم يحاول أن يعزز حضوره في منطقة جغرافية جديدة، بعد أن تلقى ضربات موجعة امتدت إلى الداخل الباكستاني بحصار الحكومة لهذا التنظيم وإنهاك أوصاله في منطقة القبائل. هذه الصورة المتشابهة تمثل عاملاً مساعداً يعزز من اختيار قادة هذا التنظيم الإرهابي لتعزيز الوجود في اليمن الشقيق، خصوصاً في ظل الظروف الساخنة التي يعيشها هذا البلد العربي من واقع الفتنة الحوثية في الشمال اليمني وهاجس الانفصال في جنوبه؛ الأمر الذي يرفع من سقف التحديات التي تواجهها الحكومة اليمنية لتتجاوز إشكالات التنمية والاقتصاد إلى مجابهة تهديد الوجود؛ فمثال أفغانستان أو الصومال لا يزال حاضراً في مقاربات المشهد السياسي الدولي؛ فمنذ خروج السوفيت عام 1988م من أفغانستان وحتى الحضور الأمريكي عام 2001م، مروراً بحرب رفقاء السلاح بين ما يسمى ب(فصائل المجاهدين) وقيام نظام الطالبان وظهور تنظيم القاعدة، فخلال هذه الفترة المضطربة فقدت أفغانستان كل مقومات الدولة وصارت مجرد منطقة ساخنة ومفتوحة لصراعات دولية تتقاطع معها أعمال إرهابية تقوم بها منظمات وجدت في أفغانستان البيئة الأفضل لنمو فكر التكفير ومنهج التفجير، والنتيجة ضياع دولة وحضور قوى عالمية وسقوط الأبرياء.

مجمل التجارب التي تختزنها الذاكرة السياسية العربية تجعل الوعي العربي في قلق مستمر إزاء الحالة اليمنية كي تتجاوز صورة أفغانستان الملتهبة وتعزز تماسكها في سبيل السعي للإجهاز على محاولات النسخ الكربونية التي يسعى إلى تطبيقها أعداء العرب من خلال إعادة كتابة السيناريو الأفغاني على الأرض اليمنية، والمسؤولية العربية التاريخية تتطلب أن يكون الموقف السياسي الرسمي متوحداً مع اليمن في ترسيخ استقراره وتجنيبه التصدعات الداخلية وحمايته من التدخلات الخارجية الإقليمية التي تعمل وفق مصالحها. ورغم أن الذاكرة العربية تحمل كثيراً من الإحباط حول وحدة الموقف نحو عدد من القضايا في التاريخ السياسي العربي فإنها تملك في المقابل تجارب تستحق الاستذكار؛ فقد كانت المسؤولية العربية ناجحة في تجربة تحرير الكويت وعودة لبنان ما بعد الحرب الأهلية؛ ولذلك فإن مسؤولية العرب اليوم أمام اليمن كبيرة؛ فاليمن بلد حضارة وتاريخ وعمق استراتيجي للبيت العربي المستهدف!

***










 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد