Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/01/2010 G Issue 13624
السبت 01 صفر 1431   العدد  13624
 
مفارقات لوجستية
رأي في موضوع الإسكان
د. حسن عيسى الملا

 

قرأت خلال السنة الأخيرة أرقاماً مذهلة عن عدد السعوديين الذين لا يملكون مساكن لهم، قليل منها ما بُني على إحصائية دقيقة تحليلية مستقصاة من استبيانات علمية حرفية.

الحكومة على رأسها خادم الحرمين الشريفين كانت المبادرة لمعالجة هذا الاستحقاق الاجتماعي؛ لما له من تداعيات على الأسر السعودية، خاصة تلك التي تواجه رفع أسعار البيوت المستأجرة سنوياً، أو أولئك الأرامل والأيتام الذين ثكلوا بعائلهم فطردوا من منازلهم لعجزهم عن دفع الأجرة.

الجهود تُبذل منذ عدة سنوات لتمليك المواطنين السكن، كان أولها القروض الميسرة من الصندوق العقاري، مروراً بمؤسسة الملك عبدالله لوالديه، وجمعية الأمير سلمان للإسكان والمشاريع الخيرية التي تبرع بها عدد من البيوت التجارية، ومسميات أخرى لا حصر لها كالإسكان الخيري، وإسكان ذوي الدخل المحدود في عدد كبير من المناطق.

تستعد الآن هيئة الإسكان ببناء وحدات سكنية في مختلف مناطق المملكة لتمليكها لمستحقيها، وتستعد شركات التطوير العقاري للمساهمة في تحقيق أهم أهداف الدولة على الصعيد الاجتماعي وتمكين كل مواطن من امتلاك سكنه.

المفارقة هنا أن كل تلك الجهود لم تحقق حتى الآن أهدافها لا لعيب فيها، وإنما بسبب أن الباحثين عن السكن في تزايد مستمر وبعشرات الألوف سنوياً.

في ظني أن المشكلة تكمن في المركزية، بحيث تتولى هيئات ومؤسسات وشركات محدودة التصدي لهذا السيل العرم من الطلب المتنامي على المساكن.

في بعض الدول العربية نجحت تجربة مفادها أن تنشأ في كل وزارة أو مصلحة حكومية أو هيئة أو شركة كبيرة (لجنة إسكان) تتمتع بالشخصية الاعتبارية، تُمنح أرض من الحكومة بموجب صك شرعي ضمن النطاق العمراني تتوافر فيها البنية التحتية، تقوم بتصميم المساكن بمساحات مختلفة، وتعد المخططات وتبيع المساكن على من يرغب من الموظفين التابعين لها بأقساط تدفع حسب التقدم في البناء، ويتم الإفراغ عند إتمام البناء ودفع القسط الأخير.

أزعم أن لجان الإسكان هذه ستتمكن من تمليك المواطنين أكثر من مليون سكن خلال السنوات الخمس القادمة إذا ما أُحسن إنشاؤها وتنظيمها.

أدرك أن هذا الأسلوب يحتاج إلى دراسة معمقة وإلى نظام وضوابط وضمانات ورقابة، لكنني واثق بأن هذا الأسلوب اللامركزي في تشييد المساكن وتمليكها للمواطنين سيُحدث انفراجاً كبيراً في أزمة تملك المواطنين لمساكنهم خاصة الموظفين.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد