Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/01/2010 G Issue 13624
السبت 01 صفر 1431   العدد  13624
 

دفق قلم
الأكاذيب
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

المتابع لما تدعيه الدول من أخبار وأفعالٍ وأقوال، وما يحدث بينها من تكاذُبٍ علني في هذا المجال يدرك أننا نعيش في عصرٍ تكثر فيه الأكاذيب والادعاءات، وأن الصدق يختفي في هذا الإطار السياسي العالمي، وهذا دليل على التخبط الذي يعاني منه الإنسان المعاصر المنغمس في السياسة وسراديبها وأنفاقها.

تسمع ناطقاً رسمياً باسم دولةٍ ذات شأن كبير، وقد يكون هذا الناطق هو أكبر رجل في تلك الدولة، تسمعه يذكر أموراً تخص دولته مؤكداً وقوعها، مقسماً على ذلك بأغلظ الأيمان، ثم تفاجأ بناطق رسمي باسم دولة أخرى ينقض كلام الأول نقضاً كاملاً، ويذكر أموراً مخالفة لما ذكره، ويحلف على ذلك أغلظ الإيمان، ثم تتساءل: من الصادق منهما، وأين تكمن الحقيقة في ركام هذا التناقض والتكاذب والأيمان المغلّظة؟، وتشعر بضيق شديد لهذه الجرأة على الأكاذيب لأنك حينما تستمع إلى هذه المتناقضات تكون موقناً بأن أحدهما كاذب، وبأنه قد تجرأ على ربه فحلف يمينه، وتجرأ على قيمة الصدق فنقضها، وقطع حبالها.

الأكاذيب أصبحت سمة النظام العالمي في شتى الأمور سياسياً وعسكرياً وثقافياً واجتماعياً، بل ودينياً، ومعنى ذلك أن الكرة الأرضية تعيش أشدّ مراحل عمرها ظلاماً واضطراباً، وأن الحق يمكن أن يضيع في سراديب الأكاذيب، وأن الحقيقة يمكن أن تتهشّم على صخرة الأباطيل، وهنالك تقارير تصدر في أمريكا وأوروبا تؤكد ما ذكرناه هنا من انتشار الأكاذيب والأباطيل في السياسة العالمية، وشيوع أساليب الدّجل وتشويه الحقائق في المؤسسات والهيئات الدولية صغيرها وكبيرها، تصدر تلك التقارير عن مراكز بحوث مستقلة تحاول أن تفتح ثقباً في جدار الأكاذيب المعتم، ومنها ما يتعلق ببعض الادعاءات التي استقرت في أذهان الناس حقائق لا يشكون فيها لما حظيت به من الترويج الإعلامي الذي ضغط على عقول الناس ومشاعرهم زمناً طويلاً.

هنالك أمثلة واضحة منها (الصعود إلى القمر) و(الوصول إلى سطحه وهو موضوع راسخ في أذهان الناس، مستقر في نفوسهم لكثرة ما يرون صوره، ويسمعون أخباره، فلم يعد لديهم مجال لتكذيبه أبداً، مع أن الحقائق في أمريكا بدأت تنكشف من خلال تقارير دقيقة تؤكد أنها أكذوبة ضخمة لا أساس لها من الصحة، وأن الإنسان لم يصل -إطلاقاً- إلى سطح القمر أو غيره من الكواكب، وإنما هي مواقع في جهات غير مأهولة من الكرة الأرضية، وأن الهدف من تلك الادعاءات إنما هو البهرج والتضخيم وإثارة الرعب في قلوب الناس، والحرب النفسية التي تصيب الدول العاجزة عن الصعود المزعوم إلى القمر بالإحباط والشعور باستعلاء الدول الكبرى وهيمنتها. ويقاس على هذا عشرات المظاهر التي تخضع لأساليب الكذب والادعاء والأباطيل.

إن الأكاذيب السياسية أصبحت مكشوفة للناس بعد تطور الآلة الإعلامية، ووسائل انتشار المعلومات المتحررة من سيطرة الدول التي تصنع الأكاذيب وتروج لها بمهارة، وهذا يؤكد أن المسألة أصبحت جداً لا هزْل فيه، وأن كثيراً من الأمور التي أصبحت مستقرة في أذهان الناس ستنكشف بصورة مذهلة قد تصيب كثيراً من الناس بصدمة نفسية هائلة تحدث تغيراً خطيراً في حياة البشر على وجه الأرض. ونقول: ما أشقى الإنسان حينما يبتعد عن ربّه، وينساق وراء رغباته وشهواته وشبهاته.

إشارة:

أصبح الصدقُ سُبَّةً

والأباطيل أوسِمَهْ


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد