Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/01/2010 G Issue 13624
السبت 01 صفر 1431   العدد  13624
 
شذرات اقتصادية
د. عبدالعزيز إسماعيل داغستاني

 

التجاوزات والمخالفات المالية التي حدثت في عدد من الجهات الحكومية والتي رصدها ديوان المراقبة العامة في تقريره الأخير، يجب أن نتوقف عندها كثيراً. أولاً لأن الديوان رصد هذه التجاوزات والمخالفات المالية على الرغم من أنه واجه صعوبات ومعوقات تحد من قدرته على ممارسة اختصاصاته بمهنية عالية واستقلال تام، كما جاء في كلمة رئيس الديوان الذي ألقاها أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الأسبوع الماضي، فما بالنا لو كان الديوان قادراً ويمتلك صلاحيات وإمكانات أكبر. وثانياً لأن الديوان أشار إلى أن هناك عدداً من الجهات الحكومية صرفت مبالغ مالية دون وجه حق، وأن هناك تأخراً في تنفيذ العديد من المشروعات الحيوية، وتعثر بعضها، وتدني جودة التنفيذ، وذلك نتيجة لضعف المتابعة الجادة والتراخي في تطبيق أحكام العقود، بالإضافة إلى أن هناك عدم تقيد من قبل عدد من الأجهزة الحكومية بالأنظمة المالية وتعليمات تنفيذ الميزانية العامة للدولة. هذه المعلومة المؤسفة تحتاج فعلاً إلى أن نتوقف عندها. وفي وقفتي هذه أقول إنني لم أطلع على التقرير، وما بنيت عليه مقالي هذا هو ما جاء في كلمة رئيس الديوان، وأتمنى أن يحقق الديوان الشفافية التي نتوخاها، بل ونأمل أن نحصل عليها فعلاً، وهو أمر نادى به خادم الحرمين الشريفين بنفسه أكثر من مرة، فنحن في مرحلة تنموية متقدمة تتطلب أن نفعّل الشفافية في المجتمع، فهي ركيزة اقتصادية تنموية مهمة، حتى تسير الأمور في نهجها الصحيح، ولا تتكرر مآسي محافظة جدة في أماكن أخرى، وهي مأساة حقيقية ما زالت ماثلة أمامنا. وكثير من تراكمات تلك المأساة كان بسبب غياب الشفافية، والخوف من قول الحقيقة، وأحياناً ربما حجب الحقيقة. والشفافية التي نطلبها من الديوان أن يتيح هذا التقرير لكل الناس، وأن نعرف الجهات الحكومية التي حصل منها هذه التجاوزات والمخالفات المالية، وقد يكون في ذلك نوع من المحاسبة المعنوية، وهي محاسبة ليست بقليلة. وعلينا أن نتوقف أيضاً ونسأل في مرحلة ما بعد صدور هذا التقرير، ماذا سيتم؟ وهل ستكون هناك متابعة لهذه التجاوزات والمخالفات المالية؟ وهل ستكون هناك محاسبة؟ هل تنتهي مهمة ديوان المراقبة العامة عند هذا التقرير؟ أليست هذه التجاوزات والمخالفات المالية مساساً صارخاً بالمال العام؟ لقد أكد رئيس ديوان المراقبة العامة في كلمته أمام خادم الحرمين الشريفين على عزم الدولة مواصلة مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد بكل صوره ومساءلة كل مقصر أو متهاون في أداء الواجب ومحاسبته بكل حزم. وهذا هو المطلوب الآن.

* أعلنت مصلحة الجمارك أنها تستعد لتطبيق المواصفات السعودية على القابسات والمقابس (الأفياش) وحددت يوم 9-3-1431هـ الموافق 23-2-2010م (القادم) موعداً نهائياً تمنح بموجبه دخول القابسات والمقابس (الأفياش) التي لا تتوافق مع المواصفات المحددة من الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة. عجبت من هذا الإعلان، الذي جاء في هذا الوقت المتأخر جداً. فالذي أعرفه أن هناك ضحايا كثراً وقعوا ضحية تلك القابسات والمقابس (الأفياش) المضروبة التي كانت (وستظل) في أسوقنا حتى التاريخ المنتظر. وسؤالي... لماذا تأخرت الهيئة؟ ولماذا تأخرت المصلحة؟ وأين كانت هيئة المواصفات والمقاييس والجودة طوال كل السنوات الماضية؟ أليس هذا من صميم عملها؟ أليس هذا من واجبها؟ ألم يقرأ أي مسؤول فيها ما تنشره الصحف من ضحايا القابسات والمقابس (الأفياش)؟ أليس هذا ضرب من ضروب الإهمال. والإهمال ضرب من ضروب الفساد الإداري. ما أريد الوصول إليه (بكل شفافية) هو أننا نحتاج أيضاً إلى محاربة الفساد الإداري. وكما سيحاسب هوامير الفساد المالي، فإن علينا محاسبة بيروقراطيي الفساد الإداري.

رئيس (دار الدراسات الاقتصادية) - رئيس تحرير مجلة (عالم الاقتصاد) - الرياض.



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد