Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/01/2010 G Issue 13624
السبت 01 صفر 1431   العدد  13624
 
مجداف
تنمية اليمن تضمن استقرار الحدود
فضل بن سعد البوعينين*

 

أيهما أكثر قدرة على الحسم في اليمن، الخيار العسكري، السياسي، أم التنموي؟.. لا يمكن الفصل بين الخيارات الثلاثة في الأهمية، إلا أن ترتيب الأولويات ربما قاد إلى تحقيق النتائج الإيجابية.

الخيار العسكري تفرضه الظروف الراهنة، ولا يمكن الوصول إلى الخيارات الأخرى إلا بعد تطهير أراضي اليمن من جيوب الإرهابيين، والجماعات الانفصالية الموجهة من الخارج، وتأمين حدوده البرية والبحرية.

على المدى البعيد، أعتقد أن الخيارات التنموية هي الأكثر قدرة على ترتيب أوضاع اليمن الداخلية بالدرجة الأولى، إضافة إلى الحلول السياسية الضامنة للحقوق المشروعة، والمحققة لمتطلبات العيش الكريم.

تنمية اليمن تضمن وقف تجنيد المراهقين ضمن جيوش الجماعات الإرهابية بحثاً عن المال، أو ربما زهداً في الحياة.. وتدفع القبائل المستفيدة من مشروعات التنمية لمحاربة الجماعات الإرهابية، دفاعاً عن مكتسباتهم، ومستقبل أبنائهم.

تنمية المناطق اليمنية تضمن أيضاً استقرار الحدود، وتضع حداً للهجرة الجماعية نحو دول الخليج بحثاً عن الرزق.

لليمن حق في المعونات الدولية التنموية، وهو أكثر حاجة، واستحقاقاً لدعم دول الخليج، اقتصادياً، أمنياً، وسياسياً، من دول أخرى لا ترتبط معها بحدود مشتركة.

الأمن والتنمية صنوان لا يفترقان، ومن يضمن تحقيقهما، يضمن -بإذن الله- تحقيق الاستقرار والازدهار والإقبال على الحياة وبناء الإنسان والمكان.

قد يكون الخيار العسكري مقدماً على ما سواه في الوقت الحالي، وهو أمر منطقي، إلا أنه من الظلم تجاهل الخيارات الأخرى الأكثر أهمية لمستقبل اليمن، ومستقبل منطقة الخليج بأسرها.

تنمية اليمن، وإشعال شموع الأمل في قراها ومدنها وبين أفراد القبائل يمكن أن يساعد كثيراً في إنجاح إستراتيجية مكافحة الإرهاب في الداخل.

الفقر المدقع وتوقف التنمية عن كثير من المناطق اليمنية يُسهل عمل الجماعات الإرهابية وانتشارها في مناطق قد لا تكون ضمن مناطق النفوذ الرئيسة لها.

الحل العسكري قد لا يأتي سريعاً إذا لم تقم الدول الغربية، وعلى رأسها أميركا، بدورها الفاعل في تقديم الدعم العسكري، الاستخباراتي، التقني، والمالي للجيش اليمني.

مؤتمر لندن حول اليمن المقرر عقده نهاية الشهر الجاري، ربما ناقش 5 ملفات شائكة من بينها ملف الاقتصاد.. إلا أن الملفات الأخرى ربما طغت على ملف الاقتصاد، الأكثر أهمية لاستقرار اليمن.. وقدرة على ترتيب أوضاعه الداخلية.

اليمن يقاتل على جبهات متعددة، جماعة الحوثيين، القاعدة، الحراك الجنوبي وحدوده البحرية المستباحة، وتدخل إيران في شؤونه الخاصة، وهو لن ينجح في تحقيق النصر دون المساعدات الدولية المالية، التنموية، والعسكرية المباشرة.

الدعم العسكري الاستخباراتي، التقني، السياسي هو أهم ما يحتاجه اليمن في الوقت الحالي دون شك، إلا أن الدعم الاقتصادي وتنمية مناطق اليمن وتحويل الدمار الحالي إلى إعمار شامل قد يحقق لليمن استقراراً تعجز الجيوش عن تحقيقه على أرض الواقع.

تنمية اليمن تضمن للشعب اليمني مستقبلاً يحملهم على الدفاع عنه أمام الجماعات الإرهابية أنَّى كانت، ويجعلهم أكثر التزاماً بالوحدة الوطنية، وحرصاً على سلامة حدوده، وتأمينها ضد المتسللين.

تنمية اليمن يمكن أن تحوِّل أراضيه إلى مناطق جذب سكاني، واستقرار بدلاً من كونها مناطق طاردة للأطفال قبل الرجال والنساء للحدود السعودية لأسباب اقتصادية صرفة.

أعتقد أن دول الخليج، والمجتمع الدولي مطالبون بمساعدة اليمن في حربه ضد الجماعات الإرهابية، وبوضع خطة تنموية شاملة يمكن أن تنهض به، وتساعد على استقراره، وتسهم في توفير مصادر الكسب والعيش الكريم.

يمتلك اليمن مقومات السياحة، الزراعة، الصناعة، إضافة إلى الموانئ التي يمكن تحويلها إلى مناطق حرة تمر من خلالها التبادلات التجارية الدولية.

بقدر حاجة اليمن إلى الدعم العسكري العاجل، والمعلومات الاستخباراتية الدقيقة، ومعونات الدفاع المالية، يبقى أكثر حاجة للدعم الاقتصادي التنموي، وخطط الإعمار الشاملة.

أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن الخليج، وإذا ما أردنا استمرار الاستقرار، والرخاء في الدول الخليجية فلنضمن أولاً استقرار اليمن بعيداً عن الحسابات السياسية الخاطئة.

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد