تحليل - وليد العبدالهادي
لا يزال الدولار يشكو من كبت نفسي وتقلبات مزعجة من درجات الحرارة وهناك عزوف من المتحوطين ومنافسة شرسة من قبل الذهب والنفط حيث الطلب الحقيقي والملح على البترول القادم من أمريكا ويبدو أن أسواق السلع تشهد منافسة قوية في الأداء، لكن معظم عملات العائد المرتفع بالإضافة إلى الأسهم رهينة الترقب والترصد في أسبوع يظهر فيه تجنيب للعواطف والمنطق هو من يحرك الأسواق، باستثناء العملة الملكية التي يترصد لها المغامرون الذين سال لعابهم وبلل عملة هذه البلاد ظهر ذلك جليا من القفزات السعرية فيها، وكانت ألمانيا هي البلد رقم واحد من حيث إصدار البيانات وبريطانيا من حيث أهميتها ووقعها على النفوس، ولمزيد من التفصيل والتوضيح دعونا نأخذ رحلة اقتصادية مع أحداث هذا الأسبوع لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم:
الدولار الأمريكي
أنهى أسبوعه ببيوع تكبدها من الجنيه الإسترليني وضعته عند مستوى 76.5 أمام سلة عملاته أيضا الذهب ساهم المتحوطين فيه بخفاء إلى ضخ المزيد من صفقات الشراء تحسبا من نتائج مالية سلبية إن ظهرت ويقف حاليا في منطقة تأسيس للصعود عند 1.138 دولار للأونصة، أما النفط على الرغم من هبوطه إلى 79.9 دولار للبرميل (خام نايمكس) بسبب إرتفاع في مخزونات أمريكية إلى 3.7 مليون برميل ووصول متوسط أسعار أوبك إلى 79 دولار للبرميل وهي قريبة من سعر السوق إلا أنها لم تسعف الدولار في محافظته على أرباحه والسبب يعود لخروج المتحوطين منه إلى الذهب كذلك إمكانية عودة درجات الحراراة في أمريكا للهبوط مجددا جعلت عملاء هذه العملة يغضون الطرف عنها قليلا.
أسبوع منطقي جدا يقود الأسواق الأمريكية بالأرقام وبعيدا عن العواطف حيث أعلن عن نمو الصادرات لشهر نوفمبر إلى 138.2 مليار دولار مقارنة بالرقم السابق 137 مليار دولار لكن الواردات ارتفعت أكثر 2.6% والسبب يعود لارتفاع مشتريات البلاد من النفط مصحوبا بارتفاع للدولار مؤخرا، ومع وصول معدل البطالة إلى10% نفس القراءة السابقة مع ارتفاع طفيف في طلبات الإعانة الأسبوعية إلى 434 ألف طلب أعطت انطباعا بأن الأرقام المتشائمة في سوق العمل بدأت تخف وطأتها على كاهل الاقتصاد الأمريكي، ومع ظهور نتيجة الميزان التجاري لنوفمبر والذي أظهر عجزا 36.4 مليار دولار مقارنة بالشهر السابق الذي كان عجزه حوالي 32.9 مليار دولار يمكن أن نتأكد بأن السبب هو الطلب الحقيقي للنفط والملح أيضا في الوقت الذي تصارع فيه البلاد أرقام الناتج المحلي الإجمالي المترهلة انعكس ذلك بتسجيل (داو جونز) قمة سعرية جديدة عند 10.700 نقطة على الرغم من ترقب نتائج الموسم الرابع والنهائي، ولا يمكن أن نتوقع أي صعود قوي للعملة الخضراء في القريب العاجل.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
قام الزوج بزيارة عاجلة لمستوى 1.45 بعد ارتطامه بالدعم 1.42 والمخاطرين ذوي النزعات المتطرفة في عقد الصفقات لا يتواجدون حاليا في الزوج مما يعطي انطباعا بأن المنطقة (1.47-1.42) مرشحة للهدوء والمسار الجانبي قد يكون حليفا للزوج هذه الأيام.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
بالفعل سال لعاب المغامرين تجاه هذا الزوج المجنون بحركة تداولاته نتج من ذلك زيارة سريعة لمستوى 1.62 كما تم التنويه له الأسبوع الماضي والسبب هذه المرة أرقام اقتصاده الخضراء، ويبدو أن المسار الجانبي سيتحرر منه الزوج قريبا ويستهدف الأسبوع القادم مستوى 1.66 بعد عملية اختراق جادة لخط الاتجاه الهابط الفرعي والعزوم قوية في هذه المهمة.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
حقق هدف الهبوط مطلع الأسبوع عند 90.7 وثمة مسار جانبي وشيك الحدوث بمجرد الالتصاق بمستوى 93.88 وبدء تشكله قد يكون مع منتصف يناير الحالي لكنها بالمجمل تعتبر تحركات حثيثة لبناء قاع صلب لأشهر عديدة قادمة(بضعة شهور) لكي يحتفل عشاقه بمستوى 101.5 على أقل تقدير.
اليورو
ألمانيا البلد رقم واحد من حيث كمية وأهمية الأرقام الصادرة من منطقة اليورو بدأت بمبيعات التجزئة لشهر نوفمبر التي انخفضت 1.1% مقارنة بنمو للشهر السابق 0.5% وعلى المستوى السنوي تراجعت 2.8% مقارنة بانخفاض 1.7% لنفس الشهر من العام الماضي تظهر عزوما ضعيفة للمستهلكين في الإقبال على شراء السلع الاستهلاكية خصوصا بسبب تراجع أداء المنتجين مؤخرا لكن لا يمكن أخذ صورة سلبية تماما على المستوى السنوي بل هي مبررة على المستوى الشهري نظرا لأن ديسمبر (موسم الإستهلاك الأول) لم تظهر أرقامه بعد، وظهرت أرقام الطلبات الصناعية على المقياس السنوي مرتفعة 1.8% مقارنة بتراجع 8.5% لنفس الشهر من العام الماضي دليل تحسن أداء المنتجين وقدرة الاقتصاد الألماني على إستيعاب هذه الطاقة الإنتاجية من وجهة نظر المستهلكين، أما الميزان التجاري الألماني في نوفمبر فأظهر فائضا 17.4 مليار يورو مقارنة بفائض سابق بقيمة 13.6 مليار يورو بسبب تراجع وارداته 5.9% مقارنة بانخفاض سابق 2.4% أما الصادرات نمت 1.6% مقارنة بنمو أخير 2.5% على الرغم من ارتفاع اليورو الشاهق دليل قوة تسويق للبضائع الألمانية، وآخر الأرقام المهمة بل أهمها وقائدها جاءت من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية العام منكمشا 5% مقارنة بانتعاش للعام الماضي بنسبة 1.3% لكن معروف أن هذا الرقم متأخر من وجهة نظر المستثمرين وحان الوقت للمركزي الأوروبي أن يضغط على عملته أسوة بالفدرالي الأمريكي.
الجنيه الإسترليني
بدأ الفريق الاقتصادي أعماله بتثبيت بنك إنجلترا لبرنامج شراء السندات الحكومية عند 200 مليار جنيه وكذلك الفائدة 0.50% رغبة في لملمة أصولهم المتعثرة وتحفيز اقتصادهم للنمو عنوة، لكن تبدو أرقامهم هذا الأسبوع مفرحة لذوي النفس الطويل، حيث أعلن عن أسعار المنتجين على المقياس السنوي مرتفعة 6.9% للمدخلات وفق تقرير ديسمبر مقارنة 4% نمو للعام الماضي أما المخرجات نمت 3.5% مقارنة بنمو سابق 2.9% ولا يزال المنتجين هم من يسعى بجد لتحسبن أداء الاقتصاد ومعروف أن المستهلك البريطاني متحفظ جدا وغالبا ما يكون بخيلا على المستثمرين ولديه نزعة قوية للادخار منذ عقود طويلة، ومع تقليص للانكماش السنوي في الإنتاج الصناعي إلى 6% وخفض عجز الميزان التجاري في نوفمبر إلى 6.78 مليار جنيه مقارنة بعجز القراءة السابقة 7.10 مليار جنيه يمكن أن نعزو ذلك إلى تدني قيمة الجنيه ونمو القطاع العقاري مؤخرا.
الين
الميزان التجاري لنوفمبر يظهر فائض بقيمة 490 مليار ين مقارنة بفائض 949 مليار ين للقراءة السابقة جاء ذلك نتيجة نمو الإنتاج الصناعي 2.6% في الأشهر الأخيرة مما قد نرى نمو في الاستثمارات قريبا لكن طلبات السلع الرأسمالية منخفضة بسبب خضوع معظم الشركات اليابانية الكبرى لعمليات خفض للتكاليف ملفتة، من جهة أخرى أعلن عن القراءة السنوية لمؤشر الإفلاس بهبوط 16.6% مقارنة بنفس الفترة للعام الماضي الهابطة بنسبة 11.4% دليل تراجع عدد حالات الإفلاس في 2009م والترقب ما زال يكتسح الأسواق والأصول اليابانية بما فيها الين.
(تم إعداد هذا التقرير منتصف جلسة الأسواق اليابانية يوم الخميس الساعة 4 صباحا بتوقيت جرينتش)
محلل أسواق المال