الجزيرة - حازم الشرقاوي
على الرغم من مرور 40 عاماً على إقرار الخطط التنموية التي تضع هدفاً رئيساً وهو تنويع مصادر الدخل إلا أن القطاع غير النفطي ما زال يمثل 14%، والبترول يمثل العمود الفقري والقاعدة الأساسية للإيرادات الحكومية التي يعتمد عليها الاقتصاد الحكومي بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام، فوفقاً للميزانية الجديدة عام 2010، فإن الإيرادات البترولية تشكل 86 في المائة من إجمالي إيرادات الميزانية. ولتنويع مصادر الدخل هناك آراء متفائلة تضع فترة زمنية محددة وهي مع نهاية خطة التنمية التاسعة يكون هنالك توازن يمثل 50% من القطاع غير النفطي، بينما يرى آخرون صعوبة تحديد فترة زمنية بعينها للوصول إلى هذا الهدف.
توسيع القاعدة
في البداية يرى الدكتور فهد السلطان الأمين العام لمجلس الغرف السعودية أن التوجهات الحالية تؤكد على توسيع القاعدة الاقتصادية في المملكة بحيث ألا ترتكز على عائدات النفط كمصدر رئيس للدخل، مشيراً إلى أن الاستراتيجية الوطنية الصناعية المقدر ميزانيتها بـ 40 مليار ريال ستسهم في رفع إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي الوطني إلى 20% بحلول عام 2020 مقابل 11% حالياً، وذكر أن القطاعات الأخرى الخدمية والزراعية ستسهم أيضاً بصورة فاعلة في تنويع هذه المصادر.
وأعرب عن أمله بأن تشهد خطة التنمية المقبلة تنوعاً في مصادر الدخل غير النفطي.
وأكد على أن القطاع الخاص سيكون محركاً في إحداث هذا التنوع عبر البرامج المتاحة التي تهدف إلى توسيع القاعدة الاقتصادية.
صعوبة تحديد الزمن
يرى الدكتور راشد أبانمي الخبير والمتخصص في اقتصاديات النفط أنه من الصعب تحديد الوقت الذي سنرى القطاع غير النفطي العنصر الرئيس في الميزانيات العامة للدولة، لأن ذلك يعتمد على أمور كثيرة أولها وأهمها هو المصداقية مع أنفسنا على المستوى الوطني ومدى استعدادنا للتضحيات من أجل أن نحقق هذا الهدف السامي والضروري في آن واحد، وهو الحاجة الماسة إلى العمل الفوري من أجل هذه النقلة النوعية في الاقتصاد الوطني وتنويع القطاعات والعناصر الضرورية التي تتشكل منها الميزانيات العامة للدولة، وقال: إن هذا يأتي من خلال تكثيف الحملات التثقيفية والدراسية والبحوث المتأصلة لاستقراء المستقبل الكمي والنوعي وبجميع احتمالاته الممكنة، كما أنه من الواجب على الحكومة رفع الدعم المادي المباشر للشركات الصناعية بعد فترات الحضانة التأسيسية، مع الإبقاء على مدد زمنية محدودة من الإعفاءات الضريبية الممنهجة والمبنية على مدى التزام تلك الشركات بتدريب وتوظيف الأيدي العاملة الوطنية، ورفع السقف الضريبي على من يصر على الاستقدام وتوظيف الوافدين الذين يشكلون عبئاً كبيراً وضغطاً على مرافق الدولة الحيوية.
معضلة خليجية
أما الدكتور إبراهيم بن فهد الغفيلي رئيس مركز الريادة للاستشارات الاقتصادية فقد قال: إن تنويع مصادر الدخل معضلة تسعى دول الخليج إلى تطبيقها، فهناك دول تمكنت مثل إمارة دبي من خلال تنويع مصادرها عبر الخدمات والسياحة والموانئ وإعادة التصدير، مشيرا إلى أن المملكة تعد ثاني دولة بعد دبي في تنويع مصادر الدخل معتمدة بنسبة 86- 88% على النفط تليها الكويت التي تعتمد عليه بنسية 90% مشيراً إلى أن الخطة التاسعة في المملكة ستزيد من نسبة التنوع من قطاع تنمية الصناعات التحويلية أو البتر وكيماويات والصناعات الاستراتيجية مثل الحديد والألمنيوم، ووجود بعض المعادن في مدن حائل وجازان.
ودلل د. إبراهيم الغفيلي على حدوث تنوع مصادر الدخل من خلال قطاعات الخدمات التعليم والنقل والمصرفية والتأمين والاتصالات وهي قطاعات واعدة إضافة إلى أهمية تنشيط صناعة المؤتمرات بحيث تصبح المملكة مركز ثقل في هذا القطاع إضافة إلى الخدمات الصحية، مشيراً إلى مركز الملك عبد الله المالي الذي يضم 31 برجاً سينتهي العمل فيها بعد عامين حيث ستصبح المملكة قبلة للمصارف الإسلامية أو سويسرا المصرفية الإسلامية. وذكر أن العالم تواق لإدارة المصارف على قواعد المصارف الإسلامية بعد الأزمة المالية العالمية. وقال إن الابتعاث سيكون له دور واضح في تنويع المصادر حيث لدينا 70 ألف مبتعث في مختلف المجالات سيعودون إلى المملكة بكل الخبرات التي اكتسبوها.
ودعا الغفيلي المجلس الاقتصادي الأعلى إلى الإشراف والمتابعة لنسب تنويع مصادر الدخل في كل قطاع لتطبيق نسبة المساهمة في الناتج المحلي وتنويع مصادر الدخل وقال: إن المجلس الاقتصادي متخصص في الأمور الاقتصادية ولديه القدرة على تفعيل دور الجهات الحكومية وغيرها في القيام بدورها في التنويع وحتى يحدث احترام لوثيقة وخطة وزارة التخطيط التي تضعها خاصة وأن الوزارة جهة استشارية لا تستطيع المتابعة.
وقال يجب ألا يكون تنويع مصادر الدخل مجرد هدف في الخطة دون قياس ومتابعة تحدد وتضمن تعاظمه وتطوره، ليخفف من خطورة الاعتماد على مورد واحد وهو النفط.
السياحة:
أوضح الدكتور إبراهيم الغفيلي أن القطاع السياحي يعد أحد مصادر الدخل كما أنه يوفر فرص للخريجين مشيراً إلى أن التقارير الدولية تؤكد أنه خلال الفترة من 10-20 سنة المقبل الدول العربية تحتاج إلى توفير 100 مليون وظيفة وقال: إن قطاع السياحة واعد وإنشاء هيئة السياحة في المملكة هي خطوة سليمة حيث وضعت الرؤية والهياكل التي تنمي القطاع السياحي.
وأكد على أهمية تطوير السياحة لأنها ستسهم في تنويع المصادر وذكر أن السياحة الدينية كانت المصدر الرئيس للدخل في المملكة قبل البترول وكان اقتصاد المملكة يعتمد على الحج والعمرة ودعا إلى أهمية تحسين والاعتناء بهذا المرفق بحيث تتطور الشركات المشرفة على الحج والعمرة وشركات التسكين والخدمات وغيرها.
ووفقاً لإحصاءات مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) بالهيئة العامة للسياحة والآثار، التي تؤكد أن السياحة في المملكة تعد أحد أهم روافد الناتج المحلي الذي بلغ رقماً قياسياً عام 2008م حيث يسهم القطاع السياحي في الناتج المحلى الإجمالي للمملكة بنسبة 2.7 في المائة، وفي الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 6.9 في المائة لعام 2008م. كما قدر الناتج المحلي للسياحة حسب آخر إحصائية لمركز «ماس» عام 2008م بنحو 74 مليار ريال. فيما بلغ إجمالي إيرادات المؤسسات السياحية في السعودية 78.5 مليار ريال عن عام 2008. وقد أسهمت الهيئة في تدريب الكوادر العاملة في هذا القطاع وخلق فرص عمل لهم. حيث بلغ عدد الوظائف في المنشآت السياحية عام 2008م نحو 445.628 وظيفة مباشرة و668.44 وظيفة غير مباشرة. ويتوقع توفير 1.5 مليون وظيفة بحلول عام 2020م.
يذكر هنا ان المملكة تقوم بعملية إصلاح اقتصادي واسعة لتنويع مصادر الدخل وأسست المجلس الاقتصادي الأعلى عام 1995م للإشراف على تطوير الاقتصاد حيث اتخذ الكثير من القرارات كتخصيص قطاع الاتصالات وتهيئة العديد من القطاعات الخدمية الأخرى للتخصيص بخلاف سياسات تهدف إلى توزيع التنمية بمختلف المناطق والاستفادة من الثروات الموجودة بشتى أنحاء المملكة مع اهتمام كبير بالقطاع الخاص مما أوصل مساهمته بالناتج المحلي للعام 2009 إلى 48 في المائة الذي بلغ 1385 مليار ريال.