روى لي أحد الأصدقاء يوماً عن معاناته من عدم قدرته على الادخار وغلاء الأسعار في السلع الاستهلاكية ومدى تأثيرها عليه.
وفي سؤالي له عن دخله الشهري أوضح لي أنه يتقاضى راتباً يصل لـ 8 آلاف ريال وأنه متزوج ويسكن في شقة إيجارها 26 ألفاً في السنة وأنه لا يستطيع الالتزام بكافة مصاريفه.
وفي ثنايا حديثه أكد لي هذا الصديق أنه يذهب لتناول ثلاث وجبات رئيسة في مطاعم 5 نجوم في الأسبوع الواحد كما أنه يقوم بشراء أجهزة جوال كل ثلاثة أشهر وأن فواتيره الشهرية للهاتف والكهرباء والفيزا تتجاوز 2500 ريال، وأن لديه مصاريف أخرى تصل لـ1500 ريال شهرياً.
حينما حدثني هذا الصاحب عن معاناته وعدم قدرته على الادخار وجدت أن كثيرين في الواقع يتشاركون مع صديقي هذه المشكلة.
وزميلي الشاكي أعتقد أنه تحول إلى ظاهرة استشرت لدى العديد من أوساط مجتمعنا وتحديداً الشباب.. فكيف بإمكان هذا الصديق أو غيره الادخار بشكل آخر إذا كانت مصاريفهم بهذا الشكل؟
كنت في أحد الأيام أتابع قناة كندية وكان فيها برنامج موجه لمن لديهم ضوائق مادية، واكتشفت من خلال متابعتي لهذا البرنامج أن 60% من الذين يواجهون ضائقة مادية هم السبب الرئيس فيها، وتم خلال هذا البرنامج عرض مشكلة زوجين في مقتبل عمرهما ويعانيان من ضائقة مادية تستهلك ثلاثة أرباع دخلهم الشهري، بمعنى آخر لا توجد لدى هذا الثنائي أي وسيلة للادخار، وتم خلال هذا البرنامج وضع جدولة جديدة لادخارهما من أهمها: إلغاء كافة بطاقات الائتمان بالإضافة إلى تقنين أوقات الخروج والتبضع لأكثر من النصف. وبعد أكثر من سنة تم لقاء هذا الثنائي الذي بدأ بجني ثمار هذه الجدولة بعد أن استرشد في ادخاره وقنن مصاريفه.
ومن خلال هذه القصة ينبغي التركيز على أن الشباب الأحوج في هذه المرحلة العمرية للوعي بأنهم في مرحلة بناء ولا ضير في العمل والتعاطي مع الحياة بمنطق تأمين الحياة بالادخار بدل الاستهلاك الشره.
فلماذا يصرف الشاب 2500 ريال شهرياً لفواتير الهاتف ويقتني جهاز جوال جديد كل ثلاثة أشهر؟ ولماذا يذهب للمطعم ثلاث مرات أسبوعياً بفاتورة تصل إلى 200 ريال؟ هل كان آباؤنا ومن سبقونا يقومون بهذا الشيء وهم الآن من استطاعوا أن يدخروا؟ بالتأكيد لا.
كل ما أرجوه أن ندرك أهمية التوفير لتأمين مستقبل كريم لنا ولأسرتنا في المستقبل.
عضو هيئة الصحفيين السعوديين
al.jazerah@hotmail.com