Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/01/2010 G Issue 13624
السبت 01 صفر 1431   العدد  13624
 
إدارة منظمات البحوث والتطوير
إدارة المستحيل

 

تأليف: جين واترانديس

الساعة والرادار

تعتبر الساعة أم الآلات جميعاً أو أم الصناعة، وقد تطلب صنع أول ساعة في التاريخ تعاوناً حثيثاً بين العلماء (ذوي العلم والمعرفة) والفنيين الحرفيين (ذوي المهارة). ويمكننا الآن اعتبار هذا التعاون صورة مصغرة لمنظمات البحوث والتطوير. وبسبب التقدم التكنولوجي تعقدت إدارات البحوث والتطوير، وامتلأت بالمئات من العاملين، والعديد من التخصصات التي يجب التنسيق بينها، وعلى مديري هذه الإدارات أن يوفقوا بين تلك الأجزاء؛ لكي تؤدي عملها بفعالية. وحتى هذه اللحظة لا يمكن أن نحقق أي تقدم دون تعاون؛ فلكي ننجح في إدارة مشروعات البحث والتطوير يجب أن نعمل كالساعة. إدارة البحوث والتطوير، أو(بت) كما سنسميها اختصاراً، هي فن تحقيق التكامل بين مكونات مختلفة للوصول إلى أهداف منشودة، إضافة إلى تحقيق قدر من النظام وبُعد النظر والقدرة على التعامل مع ظروف عدم التأكد التي تحيط دائماً بنشاطات البحوث والتطوير. (بت) تركّز جهود البحوث على ثلاثة محاور أساسية هي:

البحوث الأساسية: تهدف إلى المعرفة أو الفَهْم التام لوضع البحث، دون البحث عن تطبيقات محددة. وفي مجال الصناعة تستهدف تحقيق تقدم للمعرفة العلمية دون أن تكون وراء ذلك أهداف تجارية آنية.

* البحوث التطبيقية: تهدف إلى اكتساب معرفة أو فَهْم يساعد على تحديد الوسائل التي يمكن تلبية حاجة من خلالها، وتوجه في مجال الصناعة إلى اكتشاف معرفة علمية تكون لها أهداف تجارية محددة مرتبطة بمنتج أو خدمة معينة.

بحوث تطوير المنتجات: التطوير هو الاستخدام المنظَّم للمعرفة التي يتم التوصل إليها من خلال البحوث الموجَّهة لإنتاج مواد أو ابتكارات أو نظم أو طرق، وتشتمل على تصميم وتطوير نموذج أولي.

وعلى المدير الناجح أن يقيم نوعاً من التوازن بين هذه الأنشطة؛ فلا يركز على أحدها متجاهلاً بقيتها.

غياب هذا التوازن عن بعض مشروعات البحث والتطوير أدى إلى انتقاد إدارات البحوث ووصمها بالعقم؛ لأنها تهتم بالنظريات والاكتشافات المجردة أكثر مما تهتم بحاجات العملاء. لكن دعنا نفترض أن إدارة البحوث والتطوير تهتم بالحاجات الآنية إضافة إلى حل مشكلات الماضي، ولو صح هذا الافتراض غير الدقيق إبان الحرب العالمية الثانية لكانت الجهود تركزت على إنتاج نظارات مكبرة لرؤية طائرات الأعداء بدلاً من ابتكار الرادار.

إدارة البحوث والتطوير

تهدف إدارة (بت) إلى زيادة الإنتاجية وتحقيق التميز. ولأن إدارة العلماء من أصعب المهام التي يمكن أن يتولاها أي مدير؛ فليس هناك أسلوب واضح للتخطيط أو لتوقع الابتكارات الخارقة. ولهذا السبب يجب أن تتوافر في مدير إدارة (بت) المعرفة العلمية إلى جانب المهارة الإدارية، ومن ثم يفضل أن يدير تلك الإدارات علماء على درجة عالية من المهارة الإدارية والفنية.

مجالات البحوث ومحدداتها

تتأثر موضوعات بحوثنا بما يقوم به منافسونا من بحوث. يرجع السبب في ذلك إلى أن ما نقدمه من خدمة أو منتج يعتمد إلى حد كبير على قدراتنا وقدرات منافسينا، كما تتأثر اتجاهات (بت) بحاجات العملاء ومتطلباتهم. وعموماً فهناك خمسة مجالات متفق عليها للموضوعات التي تجري البحوث في إطارها، هي:

موضوعات أساسية.

استكشافية مرتبطة بالأسواق والتكنولوجيا.

تطوير الأنشطة القائمة.

تطوير أنشطة جديدة.

بحوث متعلقة بالخدمات الفنية.

ويجب أن يكون دافعنا لتحديد مجال البحوث هو ما سنقدمه للعلم والعملاء، علاوة على أن البحوث المتعلقة بصحة الإنسان وبيئته وأمنه يجب أن تحظى بالأولوية على غيرها من البحوث.

الحقيبة البحثية

يتضمن النموذج المثالي لإدارة (بت) شقين: الأول اقتصادي يحدد احتياجات تحسين العمليات المختلفة لتقليل التكلفة. والثاني عبارة عن حقيبة بحثية. ويهتم هذا الجانب بالمقارنة والتنبؤ والحلول المثلى وحاجات العملاء، وذلك بمتابعة بحوث المنظمات المنافسة، واستخدام أساليب التنبؤ لتحليل الاتجاهات والتغير في سلوك العملاء وأنماطهم وحاجاتهم المستقبلية، والتطور التكنولوجي، والقوانين الجديدة وآلية التعامل معها كقوانين البيئة والأمن الصناعي.

لتحقيق هذه الأهداف لا بد من وجود جهاز استخبارات للتعرف على الحقيبة البحثية للشركات المنافسة. ولا بد أن تشتمل الحقيبة البحثية على بحوث لتطوير وتطويع المعرفة العلمية (بحوث تطبيقية)، وبحوث أخرى لسد الفجوات التكنولوجية (بحوث أساسية).

العناصر الأساسية لإدارات البحوث والتطوير

أولاً: الأفراد: هذا هو أهم العناصر على الإطلاق؛ إذ يقع عليه عبء تقديم الأفكار وإجراء البحوث وتحويل نتائج هذه البحوث إلى منتجات. ولا بد أن يتميز الباحثون بالقدرة التحليلية، والفضول، والاستقلالية، والعقلانية، والاستمتاع بالأنشطة العلمية التي يمارسونها، والقدرة على العمل في ظل الضغوط، وفي بيئة يحيطها الغموض.

ثانيا: الأفكار: على الرغم من أن الإنسان هو المولد الأول للأفكار، إلا أن هذه الأفكار تحتاج إلى بيئة مناسبة تتولى رعايتها وتقبلها ومناقشتها برؤية مستقبلية متحررة وانفتاح فكري كامل. إلا أن الأفكار لا تثمر إلا بعد تسويقها في داخل المنظمة وخارجها لتوفير الدعم المادي لها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد