بعد انتهاء المحاضرة الأخيرة من الدورة التدريبية، التفت إلى أبو وليد وسألني ما الأسلوب والطريقة المناسبة؟ قلت له ماذا تقصد؟ قال: لقد استعرض المدرب وخلال خمسة أيام أنواع وطرق وأساليب مختلفة للإدارة، فشرح الإدارة بالأهداف، والإدارة بالأزمات، والإدارة بالضمير، والإدارة بالتمكين والإدارة بالحب، وشرح أساليب التطوير والتحسين من إعادة التنظيم وإعادة هندسة العمليات إلى إدارة الجودة الشاملة، وطرق وأساليب التحفيز وغيرها الكثير والكثير من الأساليب الإدارية المختلفة والمتنوعة، والتي يدعي صاحب كل نظرية بأن نظريته هي الأسلوب والطريقة المثلى للإدارة. فسألته لماذا؟ قال: لكي أتمكن من إدارة فريقي على اكمل وجه، وأتمكن من تحقيق النتائج المطلوبة. وسألته عن عدد من يشرف عليهم، فقال: ثمانية. ففكرت قليلاً، وقاطعني بإعادة سؤاله مرة أخرى» وش الطريقة الزينة لإدارة الموظفين؟».
وبدأ نقاش علمي مطول للإجابة على سؤال زميلنا، والذي شاركنا فيه مدربنا، وبعض الزملاء ممن حضروا الدورة التدريبة، خلصنا إلى أن المسالة ليست بهذه السهولة، ما الأسلوب الإداري الأنسب لإدارة فريقي.
الكثير من المديرين يعتقدون أنه يحتاج إلى أسلوب أو أسلوبين للإدارة، فالمسألة اعقد من ذلك بكثير، فمثلاً زميلنا أبو وليد يتعامل مع ثمانية موظفين بالإضافة إلى بيئة العمل الداخلية والخارجية، وقبل تحديد الأسلوب المناسب، دعونا نبحر ونحلل الموقف منطقياً، فهناك ثمانية موظفين، وهؤلاء الموظفين يختلفون فيما بينهم من خلال طريقة تعاملهم وأسلوب عملهم وحاجاتهم وغيرها، وبالتالي طرق إدارتهم والتعامل معهم وتحفيزهم تختلف لا محالة، بل إن الموظف الواحد يتغير بين الفينة والأخرى باختلاف ظروفه الخاصة وظروف العمل، بالإضافة إلى البيئة المحيطة الداخلية والخارجية بما فيها.
إذاً هناك موظفين يختلفون فيما بينهم، والموظف نفسه يتغير بين الفينة والأخرى، والبيئة الداخلية والخارجية تتغير، كل هذه العوامل تؤثر في الأسلوب الإداري المناسب الواجب اتخاذه وتطبيقه. إذاً الأسلوب المناسب كرد على سؤال زميلنا أبو وليد هو كل ما استعرضه المدرب، بل وأكثر مما درسناه خلال الخمس أيام الماضية.
فالموظف، والبيئة المحيطة الداخلية والخارجية وطبيعة العمل تحدد الأسلوب والطريقة الإدارية المثلى للإدارة، إذا فالواجب على المدير معرفة موظفيه جيداً إمكاناتهم وقدراتهم والقرب منهم وتفهم احتياجاتهم، والمعرفة الجيدة بنوعية وطبيعة العمل والموارد والإمكانيات المتاحة، وذلك لكي يحدد الأسلوب الإداري المناسب لكل موظف، وفي وقت معين، وتحديد نوعية الحوافز المناسبة لكل موظف. إذا كان يريد تحقيق أفضل النتائج والإدارة بكفاءة وفاعلية كما هو أبو وليد.
فالمسألة إذا أعقد من أن نحدد الأسلوب الإداري المناسب من خلال حضورنا دورة تدريبية، أو حصولنا على شهادة جامعية، بدون التعرف على موظفينا والقرب منهم ومعرفة أهدافهم الشخصية ورغباتهم واحتياجاتهم.
ولنا في إدارة الفاروق عمر خير مثال، حين يقولون عنه مفكرو العصر الحديث من عرب وعجم، عن كيفية إدارته للأفراد،» نجد أن الفاروق يستند في إدارته إلى مجموعة من الأسس (ومن هذه الأسس)، * تحديد الأسلوب الملائم لكل فرد: ومن العوامل المساعدة على تحديد الأسلوب الملائم فهم خصائص الأفراد والجماعات الذين يشملهم القرار»...........كلام رائع وجميل واعتقد أن تلك القاعدة والنظرية الإدارية الجواب المناسب لسؤال زميلنا أبي وليد.