يعول الوسط الصحافي على هيئة الصحافيين السعوديين كثيراً، ويتمنون أن تقوم بدورها المحوري في تطوير الصناعة الصحافية بشكل خاص، ولاشك أن الهيئة قد قطعت مرحلة جيدة في التأسيس، ومن
...أهم قواعد التأسيس الانتهاء من مبنى المؤسسة الذي يعد لوحة مشرفة في مدينة الرياض، ينضم إلى عدد من الأشكال الإبداعية العمرانية فيها. ومن الإيجابيات في هيئة الصحافيين السعوديين وجود رموز الصحافة السعودية في رئاسة ونيابة وعضوية مجلس إدارة الهيئة. وقوة هذا المجلس من قوة المؤسسات التي يمثلها رئيس ونائب وأعضاء المجلس.. لأنها مؤسسات رئيسة من بين أقوى مؤسسات الصحافة ليس فقط في المملكة، لكن في العالم العربي، بإمكاناتها المادية وحضورها الإعلامي الكبير وكوادرها المهنية المتميزة.
ومن المتوقع أن تصبح هيئة الصحافيين السعوديين قوة إضافة كبرى مع الهيئات الصحافية العربية والإسلامية والدولية نظراً لمكانة المملكة في العالم، ولما تحتله الصحافة السعودية من قوة كبيرة داخل المنظومة الإعلامية السعودية.. ومن المتوقع أن تصبح الهيئة خلال السنوات القادمة قوة دعم وتطوير مؤسسي في صحفاتنا الوطنية.
وما زلنا نذكر الانقسام الذي تم في السنوات الماضية، وبخاصة في سنة التأسيس بين جيلين من أجيال الصحافة، حيث حدثت مشاغبات صحافية فتحتها صحف ومواقع إلكترونية، وشارك فيها بعض رموز الصحافة من بعض الأسماء الصحافية المعروفة.. واحتدمت نقاشات كثيرة انتهت مع مرور الوقت، لكنه فلربما لا تزال تسجل فجوة واضحة بين القائمين على الهيئة وبين المعترضين على تطبيقاته النظامية.. وأنا شخصياً ربما أنظر إلى الاختلافات على أنه ظاهرة صحية، حيث تستطيع الهيئة أن تبني من هذه الانتقادات والاقتراحات أجندة تطويرية لبرامجها ونشاطاتها.
ولا شك أن النقطة المحورية التي تحتاج الهيئة إلى النظر فيها بجدية كبيرة هي علاقات الأعضاء، فأعضاء الهيئة هم قوتها وعمادها، لهذا يجب أن يحظوا باهتمام كبير يتناسب مع احتياجاتهم المهنية والاجتماعية المتنوعة.. لهذا يتوجب على الهيئة أن تبني قنوات تواصل مستمرة مع أعضائها حتى تستكشف احتياجاتهم، وتبني خططها وبرامجها على هذا الأساس..
ولاشك أن المطلوب أن يكون هناك تواجد لبرامج ونشاطات الهيئة في كل مناطق المملكة، وعلى الأقل الرئيسة منها، لأن الهيئة واجهة صحافية وإعلامية ويجب أن تظهر وتتواجد في غير مكان المقر لها.. وحتى تستطيع أن تلبي احتياجات الأعضاء في أماكن تواجدهم.. هنا يشعر الجميع أن الهيئة هي منهم وإليهم.
كما ربما يتوق كثير من الأعضاء أن تكون الهيئة مدافعة عن الصحافيين والكتاب عند المساءلة عن خبر أو تحقيق أو مقال من قبل الأجهزة التنفيذية.. وينبغي أن يكون ممثل الهيئة أو محاميها متواجداً لدى المساءلة من لجان تحقيق إعلامية أو خلافها. وحضور ممثل الهيئة لا يقلل من المحاسبة على الأخطاء المهنية التي قد يقع فيها الصحافي أو الصحيفة.. لكن حضور الهيئة يجعل الصحافي في اطمئنان كامل أن حقوقه وواجباته ستكون مكفولة بالحق النظامي.. كما أن الهيئة دون غيرها ستكون قادرة على توضيح ملابسات النشر وضغوطات المواعيد وبعض القواعد المهنية التي تسعى إليها الصحافة.
كما أتمنى فعلاً في إطار بناء أجندة وبرامج الهيئة أن تكون مقراً لاستقطاب ملوك ورؤساء الدول وكبار المسئولين عندما يأتون لزيارة المملكة، فتكون الهيئة محطة من محطات التخاطب مع الإعلام السعودي، والرأي العام السعودي، ومن المعروف أن مقار اتحادات الصحافة في كثير من العواصم العالمية تصبح مكاناً لالتقاء الصحافيين مع صانعي القرارات الوطنية والدولية وكبار زوار الدولة.. وبمثل هذا الإجراء يتم تشهير هيئة الصحافيين السعودية على المستوى العربي والدولي، وتصبح هي مصدراً مهماً للأخبار والأحداث الدولية، ومركزاً إقليمياً للإعلام الدولي سواء عن المملكة أو للشخصيات التي تزورها.
وأخيراً، فنحن في الوسط الإعلامي سعداء بوجود هيئة صحافية بعد عقود من الغياب، وهي المكان والمرجعية الذي يؤول إليه منسوبو الأسرة الصحافية في المملكة.. ويجب أن يتم احتواء ما أسميه أزمة الجيلين، جيل الرواد وجيل المستقبل.. فالجميع يعمل في مؤسسة واحدة والجميع يحمل أهداف التطوير والتجديد، هذه الأزمة يجب أن يتجاوزها الجميع، فكل جيل له مكانته ودوره.. ولكل جيل تطلعاته وهمومه.. فالهيئة يجب أن تذيب الجليد والحواجز النفسية بين الجيلين، وتبني رؤية مشتركة يجتمع عليها جميع الأعضاء.. ونتوقع مع افتتاح مقر الهيئة أن يصبح لها نشاط إعلامي كبير وبرامج تدريبية عالية المستوى في المهنية الصحافية تلبي تطلعات جيل الرواد وتشبع نهم جيل المستقبل.. ونأمل أن تقود الهيئة مسار الصحافة الوطنية إلى الأمام خلال السنوات القادمة، وهذا هو الدور المرتقب منها.
المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية - أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa