سمعنا أن مجلس الشورى يدرس تقريراً يفيد بأن يكون التوظيف على الوظائف الشاغرة في القطاع العام سيكون عن طريق الوزارات والجهات الحكومية ذات الميزانية المستقلة، بمعنى أن الوزير طبعاً صلاحيات التوظيف قد تمنح لسعادة الوكيل أو لمن لديه ميزانية مستقلة من القطاعات التابعة له، هو الذي يحق له أن يختار بالطريقة التي يراها المناسبون للوظائف، بموجب معايير قد تكون أكثر في ظاهرها عادلة ومقنعة، لكنها في داخلها سوف تفرز محرومين كثرا، لأن مرضاً مستعصياً لدينا ما زال ينهش في جسد المجتمع وهو (الواسطة) تلك الكلمة التي تدل في ظاهرها على الوسطية لكن باطنها عذاب المجتمع وتشتيته إلى فئات تتناحر على الوظائف في ظل ندرتها وكثرة العاطلين وسوف تكون هناك مسألة (شلني واشيلك) بين المتنفذين الصغار لأن عند عمرو وظيفة ولا توجد عند الآخر من أصحاب الصلاحية، فيوظف قريب عمرو في مقابل أن يوظف عمرو صاحب ذلك، وهي طريقة الالتفاف على القوانين أو ما يسمونه (إبعاد الشبهة) وهو أسلوب ذكي وخبيث يمارسه البيروقراطيون المناطقيون المتنفذون في صنع القرار!!!
ربما قال قائل: إن الوزراء لديهم أمانة في أعناقهم ويتصرفون في مليارات الريالات وفي قرارات مصيرية هامة، وما عهدنا عنهم شيئاً من التحيز أو المناطقية المستعرة، وما عرفنا عنهم غير الولاء والوفاء والنزاهة ونحن نقول كذلك لكن كيف حال صغار الموظفين الذين يلوون الحقائق لأقاربهم أترى أن يكون هناك عدالة في توزيع الفرص على كل المواطنين فيما إذا خرجت المسألة عن وزارة الخدمة المدنية التي لديها بعض الشفافية في التعاطي مع الوظائف والمتقدمين لها، ولديها نقاط محسوبة بالحاسب الآلي وتتعامل به أمام الكل وعلى شكل واضح.
المحرومون في مجتمعنا كثر ومنهم على سبيل المثال:
- شاب لا يقبل في الكلية التي يريد لأن المقعد المفترض أن يكون له أخذه غيره دون وجه حق، لكن لسبب آخر جاء ليحل محل المحروم، فيحرم المستحق من حقه في بيت مال المسلمين في بلده ويعطى غيره ذلك الحق.
- أسرة تبحث عن ضمان اجتماعي، لكن أسرة أقل حاجة منها حلت محلها لتحرم هذه الأسرة وتؤجل هذه (للميزانية القادمة).
- مدرّسة لها سنوات تطلب النقل، لكن تنقل من هي أحدث منها، لأن هناك من يدفع بمعاملتها وتبقى المستحقة تعاني وتنتظر عطف المسئولين عن النقل وهم يعدونها (السنة الجاية)!!
- مريض يريد سريراً في مستشفى حكومي، لكن يحل محله ويأخذ حقه من يمتلك بعدا نافذا في المستشفى ويبقى المريض ينتظر.
- مسافر في حالة عاجلة يريد أن يستخدم الطائرة، لكن الجواب (المقاعد مشغولة) بينما يأتي غيره ويجد المشغولة خالية ليتنعم بها ويسافر بأمان الله.
- سائق يعطى قسيمة ويرضى بها لأنه أخطأ فعلا، فيحسم من رزق أولاده مبلغ يؤثر على حياتهم، بينما مثيله يغض البصر عنه لأنه....!!
- المحرومون كثر، لكنهم يصارعون أملا في العدالة التي تجيء مع الوعي والرقي الفكري بعد أن يكون هناك استجابة لشكوى المتضررين، وجدية في التحقيق.
فاكس: 2372911
Abo_hamra@hotmail.com