إنَّ للألوان التي أوجدها الله في الكون بسخاء تأثيراً مذهلاً ومخيفاً على شخصياتنا ومزاجنا العام وقدرتنا على الإنتاج والعطاء والتفاؤل. إنَّ الحياة بها عدد لا نهائي من الألوان التي تضيف على دنيانا الجمال والسحر والرونق.. فالطعام ألوان والشعر ألوان والرقص ألوان والحياة والفضاء والكون ألوان. والمذهل في الأمر أنَّ لكلِّ لونٍ تأثيره وسحره الخاص.
فمع التطور التكنولوجي أصبح العالم يملك القدرة على قياس تأثير الألوان على النشاط العضلي وسرعة نبض القلب ودرجة ارتفاع ضغط الدم.
ففي دراسة في الولايات المتحدة -حيث تجرى دراسة على كل شيء- قام عالمان أمريكيان مختصان في الأمراض النفسية في جامعة كاليفورنيا بإحدى التجارب التي تهدف إلى التعرف على التأثير النفسي الفسيولوجي للألوان على مجموعة من الأشخاص، وقد اكتشف العالمان أن اللون الأحمر رفع ضغط الدم عند الشخص الموضوع تحت التجربة، وضاعف هيجانه وتوتره، في الوقت الذي خفف فيه اللون الأزرق ضغط دمه وأنقص نسبة توتره ودفعه إلى الاسترخاء والراحة.
وذلك يفسر استخدام المستشفيات اللون الأزرق في طلاء الجدران وذلك لقدرته الشفائية، وتميزه بتهدئة الأعصاب وإضفاء الراحة والهدوء النفسي، كما أنه يعالج الصداع المزمن والحرارة المرتفعة لأنه يصنف من الألوان الباردة.
فقد أثبتت التجارب أن التركيز لبعض الوقت على اللون الأزرق كفيل بعلاج الصداع والنتائج رائعة!.
وفي المقابل إن الأحمر الفاقع يفتح الشهية وينشط الخلايا العصبية ويسبب العصبية والأرق، ولذلك إن مطاعم الوجبات السريعة تستخدمه لفتح الشهية أولاً وبعد ذلك ليحفز الزبائن على تناول الطعام بسرعة ومغادرة المطعم، لأنه لون يسبب التوتر كما أنه يفضل في الأماكن التجارية واستقبال العملاء وذلك قوة حرارته وقدرته على التحفيز ولفت الانتباه.
فقد أجرى أحد النفسيين والمهتمين بعالم الألوان في الكويت دراسة على الشركات التي تستقبل العملاء وتستخدم اللون الأحمر في الجدران والأثاث.. المذهل أنه وجد أنها أكثر إنتاجية وارتفاعا ً بالأرباح!.
كما أن السجون ومراكز علاج الإدمان تستخدم اللون الوردي وذلك لقدرته على نشر السلام والسكينة والهدوء النفسي.
فلكل ميدان عمل ألوان معينة ومحددة فشركات الاستثمار تفضل طلاء جدرانها باللون الأزرق وتأثيث المكاتب باللون ذاته وذلك ليفتح المجال للتفكير الصافي ويطلق العنان لاستشراف آفاق المستقبل.
والمصانع تفضل استخدام الألوان الرصاصية للتحفيز أيضاً.
اللون الأخضر له تأثير مميز وفعال على المزاج فهو لون الطبيعة الذي يعزز الشعور بالسعادة والصفاء ويبعث على حب الحياة.. فينصح أن يكون هناك حديقة خضراء في كل منزل كما أنه يفتح الشهية فلذلك هناك دائماً طبق السلطة الخضراء عالمياً في قائمة المقبلات الباعثة للشهية.
كما أن اللون الأصفر هو لون ممتع يسر الناظر وله قدرة على علاج أمراض الجهاز التنفسي والكبد، وقد أجريت العديد من البحوث حول العالم فكان اللون الأصفر الأكثر انسجاماً مع البيئة وقد قال الله تعالى حين وصف بقرة بني إسرائيل: {صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ}.
واللون البرتقالي لون ممتع ومثير ومنعش ويمنح القوة والنشاط، ففي إحدى المصانع اشتكى العمال من ثقل الصناديق داكنة اللون التي كانوا يحملونها فوق ظهورهم، بل كانوا على وشك الإضراب عن العمل، فقرر صاحب المصنع أن يلونها باللون البرتقالي.. ماذا تتوقع حدث بعد ذلك عزيزي القارئ؟.. العمال توقفوا عن الشكوى! بل إنهم أصبحوا يحملون الصناديق بأريحية مع العلم أن ثقلها ووزنها بقي كما هو!!.
عالم الألوان عالم واسع وكبير ومليء بالمفاجآت غير المتوقعة!.
