Al Jazirah NewsPaper Sunday  10/01/2010 G Issue 13618
الأحد 24 محرم 1431   العدد  13618
 
العراق يسير على الدرب الصحيح
بقلم: آيفن لويس*

 

من الواضح أن العراق يسير بالاتجاه الصحيح. فقد شاهدت ذلك بنفسي خلال زيارتي للبصرة وبغداد وإربيل في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول). كما شاهدت وسمعت من المواطنين العراقيين كيف أن حياتهم باتت تعود تدريجياً وبثبات إلى طبيعتها، وكيف أن الوضع الأمني بات يتحسن يوماً بعد يوم.

وذلك التحسن اتضح مباشرة بعد عودتي من زيارتي، حين تم الإفراج عن الرهينة البريطاني بيتر مور بعد قضائه عامين ونصف العام مأسوراً. ليس هناك من شك لديّ بأن أساس قرار الإفراج عن السيد مور يعود إلى التقدم الحاصل في عملية المصالحة التي تمضي بها الحكومة العراقية مع الجماعات المسلحة التي على استعداد لنبذ العنف. لكننا نستمر بمواساتنا لجميع عائلات من تم اختطافهم وقتلهم، وخصوصاً ألان مكمينيمي وعائلته. وإنني أناشد من اختطفوه رهينة توضيح مصيره في أقرب وقت ممكن.

بالطبع ما زال هناك بعض التحديات. والإرهابيون مستمرون بتعمد استهداف المدنيين الأبرياء، ما يكشف أكاذيبهم القائلة بأنهم يريدون إخراج القوات الأجنبية من العراق. إلا أن محاولات الإرهابيين الرامية لإثارة الأعمال الانتقامية الطائفية أو لأن يحيد العراق عن طريقه قد باءت بالفشل. ورغم فظائع هذه الهجمات، فإن أعدادها بانخفاض مستمر. وعلى الرغم من أن آخر هجوم كبير في بغداد قد وقع بعد بضعة أيام من اتفاق الساسة العراقيين على قانون جديد للانتخابات، فإن ذلك لم يؤدي لتأجيل الانتخابات المزمع إجراؤها في شهر مارس (آذار).

وفي غضون ذلك، هناك تطورات إيجابية على الأرض: فاقتصاد العراق بنمو مستمر، وعوائد النفط تتدفق باستمرار، والديموقراطية تقوي جذورها. وقد استمتعت بالحديث عن هذه الانتخابات مع بعض أعضاء البرلمان خلال مأدبة عشاء أثناء زيارتي، وانتابني شعور جميل بالحديث عن الديموقراطية الانتخابية في أنحاء الشرق الأوسط. إن الديموقراطية الانتخابية في العراق في نمو مستمر. فقد مرت الانتخابات بسلام في شهر يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) من العام الماضي. وسيتوجه الناخبون العراقيون في غضون شهرين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الوطنية لانتخاب برلمان جديد وحكومة جديدة. وسيكون 25 بالمئة من الأعضاء الجدد في البرلمان العراقي من النساء. وبشكل عام فإن النقاش في البرلمان نقاش حر وصريح وشمولي، على النقيض مما كان عليه منذ سنوات عديدة عندما كان العكس هو الصحيح. النظام الذي شهدته ربما لا يكون مكتملاً كما يجب - حيث بعض الأنظمة تعتبر مكتملة - لكنه نظام اختاره وصممه ويديره العراقيون أنفسهم.

وقد استطعت أن أستشف من خلال حديثي مع مجموعة من الساسة والمسؤولين العراقيين، خلال تجوالي في بعض مناطق بغداد والبصرة وإربيل، بعض الأفكار حول القضايا التي ستكون موضوع الانتخابات القادمة. يولي العراقيون اهتماماً كبيراً للتحسينات الأمنية، لكن سيكون الحكم على الساسة في مقابل ما إذا كان الناخبون يعتقدون بأنهم سيقدمون خدمات عامة أفضل للمواطنين. أي منهم سيجعل المستشفيات تقدم خدمات أفضل للمرضى، أو سيصلح الطرقات أو يوفر المزيد من فرص التوظيف؟ وسوف يصوت بعض الناخبين على أساس طائفي، لكنهم يريدون كذلك انتخاب المرشحين الذين يمكنهم إدخال تحسينات على ظروفهم المعيشية. ولم يكن أي ممن تحدثت إليهم على استعداد للتنبؤ بنتائج الانتخابات. إن عدم اليقين ذلك والإحساس بأن ذلك هو ما يتنافس عليه المرشحون في الانتخابات هو ما يضفي على الديموقراطية العراقية صدقيتها.

لكن مهما كانت نتيجة الانتخابات، فإن الإجماع العام في العراق يدور حول أن هناك بالفعل تقدم حاصل بالبلاد. وإنني على ثقة بأنه بغض النظر عن القيادة السياسية التي ستنجم عن هذه الانتخابات، فإن المملكة المتحدة ستتعاون بشكل وثيق معها للمساعدة في تحقيق ذلك التقدم.

ذلك لأن المباحثات بيننا تتناول، وبشكل متزايد، المواضيع التي تتعلق بالعلاقات الثنائية العادية: الروابط التجارية والثقافية والتعليمية. وعلى الرغم من انشراح صدري لما شاهدت وسمعت، فإنني غادرت العراق وأنا أشعر بالتواضع. فليس هناك من شك بأن الحكومة العراقية التالية ستواجه تحديات أمنية واجتماعية واقتصادية كبيرة.

وعلى الرغم من كل التقدم الذي تم إحرازه في مجال الأمن، ما زالت أعمال العنف كثيرة جداً. وخفض درجة العنف يتطلب جهوداً مستمرة وعازمة من قبل قوات الأمن العراقية. وقد أبدت مختلف الطوائف في العراق أن باستطاعتها الجلوس لمناقشة القضايا والتوصل لاتفاقيات - من قبيل قانون الانتخابات الجديد. يوفر الدستور العراقي إطاراً جيداً لذلك، لكن ما زال هنالك حاجة لمصالحة أكثر عمقاً بين مختلف طوائف العراق. وقد بدأ الساسة العراقيون بداية جيدة، لكن ما زال أمامهم بذل الكثير قبل أن يتمكن العراق من الشعور بالثقة بنفسه.

*وزير بريطانيا لشؤون الشرق الأوسط


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد