التكريم معناه أن يكرم الإنسان نظير ما قدمه من أعمال جليلة لمجتمعه وأمته ووطنه. حتى أن كثيراً من أصحاب المواهب والابتكارات والاختراعات تم تكريمهم بعد موتهم بأعوام كثرة إيماناً من المجتمعات والدول بأهمية ما قدمه هؤلاء من أعمال ...
...أسهمت في تقدم البشرية وأكبر تكريم للإنسان جاء من الباري المصور بأن جعل هذا الإنسان يقف على قمة مخلوقاته، وقد وجد التكريم في المجتمع السعودي في عهد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- وهذا التكريم شمل كل من أسهم في إرساء قواعد التأسيس، لقد كرَّم يرحمه الله كل من كان لهم معه صولات وجولات في مواصلة التوحيد وبناء الدولة، كرم هؤلاء بأماكن تتناسب مع عطاءاتهم وتفانيهم في خدمة العقيدة والوطن، كرَّم يرحمه الله أبناء الوطن بأن يبعد عنهم الفقر والنزاعات والضياع والتشتت، كرمهم بالوحدة وتوحيد الأفكار والتعليم وحرية التعبير المسؤول، ثم واصل أبناؤه البررة من بعده هذا النهج وهذه القيم النبيلة، وفي الآونة الأخيرة انتشرت فكرة تكريم المتفوقين والحاصلين على شهادات علمية من قبل الأسر والقبائل وتقديم الهدايا والدروع والحوافز التشجيعية وحث المتفوقين على التنافس الشريف ومواصلة العلم والعمل والانخراط في ميادين الشرف وخدمة الدين والوطن. صحيح أن كل متفوق يستحق التكريم والتشجيع لأنه أولاً وأخيراً ينتمي إلى هذا الوطن الذي يستحق التضحية والفداء، ويكفي الجميع فخراً واعتزازاً أن الوطن كرّم الجميع واحتواهم ووفر لهم الأمن والأمان والعيش الكريم وفتح الأبواب لهم لمواصلة التعليم داخليا وخارجيا.
ليس عيباً أن تكرم الأسرة ابنها المتفوق وليس عيباً أن تكرم القبيلة المتفوقين منها وهذه ظاهرة إيجابية، لكن الخطأ الذي يجب تلافيه هو أن هذه الاحتفالات لها علاقة مباشرة بتكريس المفهوم القبلي حيث يتم دعوة أكبر عدد من الناس في صالة احتفالات وجلب عدد من القنوات الفضائية مقابل مبالغ مالية لتصوير الاحتفال وعرضه، وهذه القنوات تقوم بعرض كل ما يقال من قصائد وخطب دون رقيب، ولأن أغلب هذه القصائد تتحدث عن أمور انتهت ولله الحمد منذ توحيد هذه البلاد على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ولأن هناك الكثير من الأشياء التي تثير النعرات القبلية وتمجيد القبائل وإثارة النعرات والعصبية التي نهى عنها الإسلام، وتسهم هذه القصائد في تعطيل التفكير السليم الذي ينم عن قصور المعرفة لدى أصحاب هذه المعلقات، وبالتالي وبطريقة غير مقبولة يتغنون بأمجاد وبطولات أسلافهم مما يثير حساسية الآخرين، ونحن لا نريد أبداً أن تعود أيام التفاخر والتعصب الأعمى وندرك أن القرآن الكريم أثبت مسؤولية الإنسان عن أعماله وأقواله، إنها مجرد رسالة فكرموا أبناءكم بعيداً عن كل ما يسيء إلى الوحدة الوطنية والتلاحم بين القيادة والشعب، واعلموا أننا في وطن لم يقصر أبداً في تكريم كل مبدع سواء من حفظة كتاب الله أو غير ذلك من أصحاب العلم والعمل، وتذكروا أن جنودنا البواسل يستحقون كل الأوسمة والتشجيع، نريد تكريماً بعيداً عن التعصب القبلي.
****