جاء توضيح محمد بن صالح المنجد لجريدة الحياة رداً على فتواه التي أثارت ردود فعل، ونشر نصها في هذه الزاوية، عادياً ولا يرتقي إلى حجم انتشار الفتوى وخطورتها.
من بين الأعذار غير المباشرة التي قدمها المنجد فور نشر المقالة السابقة، وتبريراً لفتوى جواز دفع الرشوة لموظف الجمارك، تعلقه ونقله لفتوى قديمة لهيئة كبار العلماء عن «المكوس» وما في حكمها، وكأنه ناقل لا مجتهد أخطأ.
والحقيقة إن هناك أكثر من فتوى مهما كان صاحبها، خاضعة لظرف الزمان والمكان، وقد تبلى وتتقادم وتصبح غير صالحة، وحين تصدر فتوى في وقت ما، ولا تنظر إلى قيمة الدولة ومؤسساتها أو تعترف بها فإنها غير صالحة للعصر الحديث، وأتذكر فتاوى قديمة جداً حول حرمة تحية العَلَم والزعماء الزائرين - مثلاً - وهذا جزء من نصوصها:
«لا يجوز للمسلم القيام إعظاماً لأي عَلَم وطني أو سلام وطني، بل هو من البدع المنكرة التي لم تكن في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا في عهد خلفائه الراشدين - رضي الله عنهم -، وهي منافية لكمال التوحيد الواجب وإخلاص التعظيم لله وحده، وذريعة إلى الشرك، وفيها مشابهة للكفار وتقليد لهم في عاداتهم القبيحة ومجاراة لهم في غلوهم في رؤسائهم ومراسيمهم».
وفي فتوى تالية، «لا تجوز تحية العَلَم، بل هي بدعة محدثة».
وفي فتوى ثالثة «ولا يجوز للمسلم أن يحيي الزعماء أو الرؤساء تحية الأعاجم». إلا أن مثل هذه الفتوى لم تعد صالحة أو مناسبة لعصر مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وعلاقات الدول الحديثة، وعلى ذلك قس لفتاوى كثيرة تموت بعد ولادتها أو تجاوز الزمن لها.
أيضاً أشار المنجد إلى أن الفتوى كانت لسائل من دولة أجنبية (!)، هل الرشوة تجوز بحسب بلد المستفتي؟، ثم ألا يعلم - حفظه الله - أن عقوبة الرشوة في بعض الدول (الكافرة) تتفوق على عقوبة الرشوة في دول إسلامية وعربية يكرم فيها الراشي والمرتشي، هذا فضلاً عن أن هذا الباب يدخله في موضوع أمني معقد مع دول أجنبية ترفع الحرب على الإرهاب والجريمة المنظمة.
والحقيقة إننى لا أعتب على بعض جماهير الشيخ وأتباعه والمتشددين الذين «أغلظوا» القول، وشخصنوا الموضوع ونسوا ذكر «الرشوة» وحكمها الشرعي، وهذا منهجهم.
لكن السؤال ببساطة ومباشرة، والذي توقعنا أن يجيب عنه المنجد في حواره التخفيفي لوقع فتواه المذكورة مع الزميلة الحياة ولم يفعل:
هل تجوز رشوة موظف الجمارك - أو أي موظف دولة - تحت أي ظرف من الظروف..؟
إلى لقاء
