شرط الموضوعية وعهد الحياد الذي يحتمه على احتلال زاوية دورية للرأي، تلزمني بأن أستقري عددا من المؤشرات الإيجابية التي تلوح على استحياء، والخطوات الصغيرة الحثيثة التي تسعى لها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولن أتطرق هنا إلى طوفان الدورات التدريبية وورش العمل التي تخضع لها منسوبيها للوصول إلى المزيد من اللياقة المهنية ميدانيا، ولا أخبار منجزات الهيئة في معالجة مواطن الفساد فهذا قد يكون جزءا من مهام الإدارة الإعلامية والعلاقات العامة التي يقوم عليها المتحدث الرسمي اللبق د. القفاري. لكنني سأذهب أعمق وإلى عدد من الأخبار حول الهيئة والتي تحمل بين تلافيفها مؤشرات عن سياسية جديدة وتغير نوعي داخل أروقة هذا الجهاز، سواء على مستوى الشفافية أو التعامل مع الرأي العام.
فأولا: عندما نشرت إحدى الصحف المحلية خبرا ضد منسوبي الهيئة في المنطقة الشرقية، حول حادثة الاعتداء على فتاة وشدها بالقوة من دورة مياه نسائية على الكورنيش إلى مركز الهيئة، قررت الهيئة (كما نشرت بعض الصحف) التعامل مع هذا الخبر بجدية ورفع قضية ضد الصحيفة ناشرة الخبر، وهذا بالتأكيد يعني بأن: الاعتداء الجسدي والتهجم والاقتحام بات من محرمات الهيئة وأي جهة تتهمها ومنسوبيها به ستكون عرضة لقانون التشهير، أيضا الإيمان بالسلطات القضائية في البلد كونها المرجع القانوني الوحيد في الدولة المدنية المتحضرة التي تفصل في الحق بعيدا عن قوانين الصحراء.
ثاني المؤشرات الإيجابية: هو ما نشرته الهيئة عن جواز الاحتفال برأس السنة الميلادية لكن في مناطق مغلقة وعدم المجاهرة به، وفي هذا بالطبع تقدير للمسيحيين الذي يعيش بيننا منهم أعداد كبيرة، وتقدير للمواثيق الدولية حول حقوق الإنسان وحرية العبادات التي وقعت المملكة على معظمها، فإعلان الهيئة هذا مؤشر موارب على احترام أهل الكتاب الذين يسهمون في مسيرتنا التنموية وطقوسهم وعباداتهم واحتفالاتهم، لأن جزيرة العرب ستكون وتظل موطنا للإسلام ولن يضيرها التعايش مع جاليات تنتمي لديانات أخرى، فالقوي الشامخ... لا يهدد، والمتين الراسخ لا يخشى من شجرة ميلاد تنصب على استحياء في غرف مغلقة أو احتفال برأس السنة ممن أحل لنا طعامهم وأحل لهم طعامنا.
وثالث هذه المؤشرات هي فتوى الشيخ أحمد الغامدي رئيس مراكز الهيئة في مكة حول موضوع الاختلاط عندما صدع بالحق أو ما يظنه بحسب أدوات القياس العلمية للفتوى حقا،، لكنها بالتأكيد تحيلنا إلى وعي جديد لقيادات الجهاز يرفض الأجوبة الجاهزة المغيبة للعقل المصمتة المغلقة على يقينها الأبدي.
الهيئة تقوم بمهام الركن السادس من أركان الإسلام وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن المهم كيف؟ ومتى ؟وأين؟ فالطريق إلى جهنم معبد بالنوايا الحسنة.
الهيئة 2010 تتغير... تتبدل.... تستجيب لصيرورة السنن الإلهية في الكون المتحول، فالشيء الوحيد الثابت هو....التبدل المستمر.