Al Jazirah NewsPaper Thursday  07/01/2010 G Issue 13615
الخميس 21 محرم 1431   العدد  13615
 
الأقسام العلمية بين مطرقة الروتين وسندان التطوير 2-2
خالد بن محمد الصغيّر

 

..وبعد استعراض بعض من العقبات التي جعلت الأقسام العلمية في الجامعات تتحرك فقط في نطاق تسيير العمل الإداري المعتاد على حساب مجالات أخرى أهم وأجدر يحسن بنا أن نعرج على مسارات الحراك التطويري المنشود

الذي يجب أن تسعى له الأقسام العلمية والمتمثلة في محاور الخطط والبرامج الدراسية، واستراتجيات التعلم والتعليم، والجودة التعليمية والاعتماد الأكاديمي، والبيئة البحثية، وخدمة المجتمع.

إن المسار الأول يتطلب إخضاع برامج وخطط الأقسام للمراجعة المستمرة الدائمة، وإجراء غربلة حقيقية لبرامجها ليتم صياغتها في ظل إمكانات الجامعات وتطلعاتها لكي تواكب وتستجيب لمتطلبات واستحقاقات المرحلة الراهنة. ويأتي على رأس أولويات السعي في التحديث المستمر الدائم لبرامج الأقسام العلمية إيجاد توصيف علمي كامل لمكونات البرنامج الأكاديمي في القسم العلمي، وشرح واف للمواد المقدمة، ومتطلباتها، ومكوناتها، وآلية تنفيذ ذلك كله على أرض الواقع الأكاديمي المعاش. وبدون توفر ذلك كله لا يمكن أن تحقق الأقسام العلمية تقدماً نظراً لمراوحتها في مكانها في خططها وبرامجها، ولأنها بعملها هذا قد هيأت الأجواء لشيوع قدر كبير من الارتجالية والعشوائية في بناء عناصر مكونات مناهجها والتي هي ناتج طبيعي لعدم وضع أطر رئيسية عامة لها من قبل القيمين على تسيير دفة العمل في الأقسام العلمية.

والجانب التطويري الآخر الذي يجب أن يكون محل عناية واهتمام الأقسام العلمية والمتمثل في استراتيجيات التعلم والتعليم يتطلب بدوره سعياً حثيثاً لتنمية مهارات أعضاء هيئة التدريس بما يحقق التميز والإبداع في التعلم والتدريس، ويساهم في الرفع من قدراتهم، وإمكاناتهم العلمية بشكل يجعلهم قادرين على تبني الطرق والوسائل التي تنادي بها الدراسات التربوية الحديثة وذلك من خلال تمكنيهم من حضور دورات في التدريس الفعًال، ومصادر التعلم، واستخدام التقنية في التعليم، ومهارات التفكير، والتقويم والقياس، وتصميم المناهج إلكترونيا، وكيفية عمل توصيف برنامج ومقررات أكاديمية، وغيرها من الدورات التدريبية التربوية. وذلك يمكن أن يتم كذلك من خلال تصميم وبناء خطط تربوية تطويرية دائمة قصيرة وطويلة المدى لأعضاء هيئة التدريس.

والشق التطويري الآخر من استراتيجيات التعليم والتعلم يحسن أن يكون التركيز فيه منصباً على تبني خطة للاستفادة من الإمكانات التي يتيحها التطور التقني، والعمل على تحويل محتويات المقررات الدراسية المعتمدة في الكلية إلى محتوى إلكتروني من خلال الاستعانة ببيوت الخبرة المحلية والعالمية التي لها باع في هذا المجال ، والاستفادة من الخدمات التي تقدمها مؤسسات إلكترونية تقدم خدمات تيسير عملية إدارة محتوى التعلم.

ويمثل محور الجودة التعليمية والاعتماد الأكاديمي بعدا آخر يجب أن تسعى الأقسام العلمية للبحث في كل ما يمكن أن يسهم في رفع المستوى التعليمي بشكل يتوازى مع معايير الجودة وبالتالي الحصول على اعتماد أكاديمي عالمي. وذلك يتم تحققه من خلال محاولة القسم الجادة اعتماد معايير الجودة المعتمدة في الجامعة، و توقيع اتفاقيات مع هيئات عالمية من أجل الحصول على اعتماد أكاديمي. وبمكن أيضاً تحسين الجودة التعليمية من عدد من الإجراءات الأخرى التي من بينها استقطاب عدد من العلماء البارزين، أو الباحثين المميزين للانضمام للقسم، وبناء شركات وتحالفات مع الأقسام المتميزة في الجامعات العالمية، وتخصيص جائزة التميز لعضو هيئة التدريس، والباحث، والطالب المتفوق، وإنشاء مجلة علمية محكمة تعنى بنشر البحوث والدراسات المتخصصة، وإنشاء مركز لبيع الكتب المتخصصة وذلك بالتعاون مع دور النشر المحلية والعالمية.

وتهيئة بيئة بحثية مناسبة متكاملة بالطبع لا يقل أهمية عن المحاور السابقة؛ لأن العمل على تأسيس مراكز بحثية منطوية على رؤية إستراتيجية ذات برامج و أهداف واضحة ومحددة يمنح أساتذة القسم قناة يتبادلون من خلالها المعرفة، ويجعلهم يساهمون بفعالية في تعزيز الإنتاج المعرفي في الحقل، كما أن ذلك يعمل على تعزيز الجودة البحثية لدى أعضاء القسم، ويمكنهم من النشر في أوعية النشر العلمي المتميزة. خدمة المجتمع أيضاً مناط آخر يجب أن يحتوي على اهتمام الأقسام العلمية في مؤسسات التعليم العالي ويمكن أن يكون ذلك من خلال تأسيس مركز خدمة المجتمع يقدم خدمات استشارية للقطاعين العام والخاص، وإقامة ورش عمل ودورات تدريبية، وندوات علمية، ومؤتمرات. وكذلك تقديم حلول علمية، ومقترحات قابلة للتطبيق لاحتياجات المجتمع، ومشاكله، ومشاريعه التنموية.

ونحن على بعد مرمى حجر من استقبال عام جديد أتمنى أن تكون إطلالته بداية لحركة تصحيح شاملة لمسار الأقسام العلمية في مؤسسات التعليم العالي بحيث تكون المحاور التي تمت الإشارة إليها آنفاً هي التي تأتي في صدارة اهتمامها، وتتوارى معها إعارة الأمور الثانوية مركز الثقل ومناط العمل فيها وذلك من أجل تعزيز إمكانات الأقسام العلمية في الجامعات، وتطوير استراتيجيات التعليم والتعلم، والرفع من كفاءة بيئة العمليات التعليمية، بما يخدم في نهاية المطاف العملية التعليمية.



alseghayer@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد