شيء محزن ومخيف أن نرى كثيرين من كتاب (النت) وأغلبهم من أصحاب الفكر الإقصائي، قد شنوا هجوماً على جدة بعد كارثة الغرق، وهم يقولون إن ما حصل في جدة هو (عقوبة)...
.. بل بلغ بكاتب كبير أن يكتب في صحيفة سيارة أن يلمح ويصرح بأن ذلك تنبيه وإنذار لغير جدة بما حصل في جدة من عقاب وعقوبة وعذاب!
ولكن لو حصلت الحادثة في غير جدة لقالوا غير ذلك طبعاً، لأن فكر التمحور على صلاح الذات ونزاهتها فقط هو الذي يسوق أغلبهم لأن يكونوا بهذا التقعيد والتعقيد معاً، وهو منحى لا يقره دين ولا عقل أبداً، فكل الناس هم عباد الله في أي مكان وزمان، وهو سبحانه وتعالى أعلم بالصالحين وغيرهم، وليس لبني آدم علم يقيني بذلك، ولذلك فحكمه ليس يقينيا أبداً.
كارثة جدة مجرد سوء تصريف للمياه الهادرة وسد لمنافذها الطبيعية، فكان من طبيعة خلق الله وترتيب كونه أن تستمر الأودية التي اجتمعت في مكانها المرسوم في جريانها بشكلها الذي تسير عليه، فتجرف ما أمامها من شيء وتسير في طريقها إلى نهايتها الطبيعية التي خلقها الله عليها، وهي تحد لبني آدم عندما يتصرفون أمام الماء بشكل إهمال أو لا مبالاة في الاحتياط والتحوط للحوادث.
جدة بلد مسلم قريب من الأماكن المقدسة، وبها يعلو صوت الأذان والإقامة وبها محسنون يتبنون أيتاماً وفقراء كثيرين، وبها متعبدون وزاهدون ورجال علم شرعي لهم باع طويل في توضيح الدين للناس، ولا فرق بينها وبين غيرها من مدن الإسلام الكثيرة، فلماذا يتشدق (النت يون) وغيرهم من اللمّازين بكلام يفيد أن ما حصل في جدة من هدم وغرق وكوارث أسرية هو عقاب أو إنذار لغيرهم.
أستغرب أن نجد عقولا تمتهن مثل هذا الفكر الإقصائي المتحمور والمتخلف والمنبوذ فعلا، وإذا ما أردت أن تعرف عقول أولئك المحنطين فما عليك عزيزي القارئ إلا أن تدخل مواقع كثيرة تسير في تيار تقديس المحيط الضيق وتنبذ الآخر بشكل لا يقره دين ولا عقل... متى يعقل أولئك ويكون من مهام كتاباتهم الجمع لا التفريق؟!!
فاكس : 2372911
abo hamra@hotmail.com