التجارب والوقائع تؤكد أن مهارات الاتصال الجمعي ولاسيما الإعلامية الصحفية مهمة لكل منشأة و مؤسسة ودائرة، إذ إن التعامل مع الأحداث الآن خلفه حشد إعلامي متعدد الفنون والأغراض من صحافة ورقية واليكترونية وإذاعات وتلفزة، ومواقع على الانترنت منها المهني الجاد وبينها العابث، ومنها ما تبحث عن ثغرات لتنفذ منها لنفث غثاء يخدم أغراضها، وتشير التجارب إلى أن هيئات ومؤسسات لم تكن قد وفرت إدارات متخصصة تضطلع بالمتابعة الإعلامية وتقدم المعالجات الصحفية لما يصدر عنها من أعمال هي محل متابعة الجمهور قد أوقعت نفسها دون أن تعلم في مواقف جماهيرية حرجة، ولم تستطع تقديم تفاسير واضحة مقنعة لغياب الأدوات والعناصر الفاعلة في هيكلها، ولعدم تأكد الجمهور من شفافية ما يتم تسريبه من معلومات وإيضاحات اجتهادية غير مهنية تتعرض دون قصد أيضا للبس والتشويه من خلال النقل الخاطئ الذي لم يرتكز على مصادر موثقة منبعها ذات المؤسسة أو الهيئة المعنية، ومثل تلك المواقف إذا حدثت لمؤسسة ما؛ فإنها دون مراء تجعل مسئوليها يدركون أهمية إحداث مكتب اتصال إعلامي يتولى تزويد وسائل الإعلام بالأخبار والتقارير والتصاريح والبيانات عند الحاجة لها ويمنع تأويلات المتقولين وهواة نشر الإشاعات وتضخيم الأحداث، وتكون في الوقت نفسه مؤهلة للتعامل الأمثل مع الوسائل الإعلامية إذا تشكل لديها قسم إعلامي أو مكتب حتى وإن كان صغيراً تديره عناصر مدربة مؤهلة ولو بعدد قليل إذ إن مهارة الإعلامي المتمرس يمكن أن تصد سيلاً جارفاً من الإشاعات، وتمنع عواصف هوجاء من التخمينات وتحميل الأحداث مالا تحتمل وتشتيت توجهات الرأي العام حولها، وأرى أن استقطاب كوادر إعلامية ماهرة لأي مؤسسة تحتاج لخدماتهم يعد جزءاً من أعمالها مكملاً لمهامها الأساسية بل ربما لا تستطيع إيصال جهودها للجمهور بشكل جيد بدون هذا الصف الإعلامي الذي يعرف كيف يصيغ أعمال وجهود المؤسسة بشكل مقبول وجاذب ويقدمه للمتلقي عبر الصحافة بأسلوب مقنع شفاف لا يحتمل مزيداً من التأويل والتشكيك، وتكون المؤسسة بذلك مؤهلة للتعامل مع مستجدات الأحداث وهي آمنة مطمئنة من صحة سلوكها وتصرفها أمام الرأي العام وجهات المتابعة، وأنها تقدم ما تمليه عليها أمانتها ونظمها المستمدة من النظام العام الهادف لصالح الجميع، ومتى ما كونت المؤسسة قاعدة معلومات خاصة بها وبأعمالها وأنشطتها فإنها ستكون مؤهلة بصورة أشمل لتقديم المعلومة الصحيحة الموثقة على أُسس علمية عصرية سليمة تواكب ما وصل إليه المجتمع من تقدم كبير في مجالات البحث عن المعلومة والحقائق، وتعدد المصادر وسهولة الوصول إليها عبر معطيات التقنية الحديثة التي لا يجب أن تهملها أي مؤسسة أو تخرج عن دائرتها، وليس هذا فقط بل لا بد من متابعة كل جديد في مصادر تقديم المعلومة وسبل الحصول عليها وإن لم تفعل فستجد نفسها وكأنها لم تبدأ، فلا ينبغي الارتكان على إحداث مكتب صحفي ثم تفريغه من محتواه ومقاصده بعدم تطويره وتعزيزه، وان قنعت بمكتبها الهزيل خبرة ودراية فستبقى ضمن مؤسسات: (ننفي ذلك جملة وتفصيلاً)!!.