(الجزيرة) - عوض مانع القحطاني
عقد معالي سفير جمهورية الصين لدى المملكة السيد يانغ هونغلين مؤتمراً صحفياً لوسائل الإعلام حول زيارة وزير الخارجية الصيني إلى المملكة خلال الأسبوع المقبل؛ تلبية لدعوة من صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية.
وقد تلا بياناً تحدث فيه للصحفيين عن هذه الزيارة وأهمية العلاقات بين المملكة والصين، وما تتمتع به هذه العلاقات من القوة والمتانة؛ باعتبار أن المملكة أكبر الدول شراكةً مع الصين.
وقال: إنها أول زيارة لمسؤول كبير بعد انقضاء عام ودخول عام جديد لهذا البلد الذي نكنُّ له كل احترام وتقدير، ليس لأنه مكان خصب للاستثمار، ولكن لأنه بلد الحضارة الإسلامية وبلد الاعتدال وبلد له إسهامات عالمية وبلد الإنسانية وبلد الاستقرار.
واستعرض السفير الصيني العلاقات السعودية - الصينية ومراحل تطورها ومجالات الاستثمار فيها، وقال: إن العلاقات السعودية - الصينية شهدت خلال الـ20 عاماً الماضية تطوراً كبيراً، وسوف نحتفل هذا العام 2010 بذكرى هذه العلاقة الدبلوماسية بين بلدينا، وما هذه الزيارة إلا لتطوير هذه العلاقة وترسيخ هذه الصداقة على أكمل وجه. وعدد السفير الصيني المشروعات ومجالات التعاون بين البلدين، وقال: شهدت الصداقة الاستراتيجية بين الصين والمملكة تطوراً سريعاً في كل المجالات خلال قرابة 20 سنة مضت على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتتميز هذه العلاقات بالمزايا التالية بشكل عام:
1) متانة القاعدة السياسية. تتكثف الزيارات المتبادلة على المستوى الرفيع بين الجانبين، وتتعمق الثقة السياسية المتبادلة باستمرار، حيث زار الملك عبدالله (حينما كان ولياً للعهد) الصين في عام 1998م، وزار الرئيس الصيني السابق السيد جيانغ زيمين المملكة في عام 1999م. وفي عام 2006م تم تبادل الزيارتين الناجحتين بين الرئيس الصيني هو جينتاو والملك عبدالله خلال 3 أشهر، وفي عام 2008م زار نائب رئيس الصين شي جنبينغ المملكة. وفي فبراير عام 2009م قام الرئيس الصيني هو جينتاو بالزيارة الثانية للمملكة خلال 3 سنوات. كل هذه الزيارات خير دليل على الاهتمام البالغ الذي توليه قيادتا البلدين لتطوير العلاقات الثنائية، وأعطت دفعاً قوياً للتعاون الودي بين البلدين في كل المجالات إلى مستوى جديد باستمرار. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والمملكة، تم توقيع نحو 30 اتفاق تعاون حكومي بين الجانبين بمعدل 1.5 اتفاق تعاون في كل سنة.
2) تنوع التبادلات الثقافية. خلال السنوات الأخيرة يزداد التبادل بين الصين والمملكة في المجال الثقافي يوماً بعد آخر، وفي عام 2002م تم توقيع «اتفاقية التعاون في مجال الثقافة والتربية والتعليم» بين الجانبين، وتمت إقامة معرض الصور الفوتوغرافية الصينية بعنوان «التراث العالمي في الصين» في الرياض. وفي نوفمبر عام 2005م أقيم الأسبوع الثقافي الصيني في المملكة، وعلى هامش دورة الألعاب الأولمبية في بكين في أغسطس عام 2008م أقامت وزارة الثقافة والإعلام السعودية فعاليات الثقافة والفنون والتراث الشعبية مملكة لمدة 10 أيام في بكين. وفي ديسمبر عام 2009م تمت إقامة معرض الأعمال المبدعة للتطريز اليدوي الصيني في الرياض بالنجاح، وحظي المعرض بتقدير عال من جميع أوساط الرياض، ولاسيما لوحة مطرزة للصورة الشخصية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله استغرق إبداعها من قبل الفنانين الصينيين نصف سنة، أثارت ردود الفعل الإيجابية الواسعة؛ فكل هذه الفعاليات الثقافية لقيت ترحيباً وتقديراً من جماهير البلدين، وساهمت في تعزيز التعارف ومشاعر المودة بين شعبي البلدين.
3) سرعة التطور في مجال التعاون التعليمي. إن إدراج الصين ضمن 5 دول آسيوية في قائمة الدول لبرنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي، يعكس اهتمام الجانب السعودي بتطوير التعاون في مجال التعليم بين البلدين. ويتعاون الجانب الصيني مع الجانب السعودي بالنشاط في تنفيذ هذا البرنامج. وحتى يومنا هذا بلغ عدد الطلاب السعوديين الدارسين في الصين في إطار هذا البرنامج أكثر من 200 طالب. وفي عام 2009م أوفد الجانب الصيني 3 طلاب صينيين إلى المملكة للدراسة في جامعة الملك سعود. وفي نوفمبر عام 2008م، شارك الجانب السعودي في «منتدى التعاون التعليمي بين الصين والدول العربية» الذي أقيم في الصين. وفي يونيو عام 2009م، قام معالي الدكتور خالد محمد العنقري وزير التعليم العالي السعودي بزيارة الصين على رأس وفد متكون من مسؤولي وزارة التعليم العالي ومديري أكثر من 30 جامعة سعودية مشهورة. وخلال هذه الزيارة تبادل معالي الوزير السعودي مع الجانب الصيني الآراء حول زيادة تعزيز التعاون بين الصين والمملكة في مجال التعليم العالي، وزار معاليه والوفد المرافق له جامعة بكين وجامعة تشين هوا وجامعة فو دان وأكاديمية الصين للعلوم وغيرها من الجامعات أو المؤسسات العلمية. ووقع الجانبان 24 اتفاقية تعاون تتعلق بتبادل الأفراد والتعاون في الأبحاث العلمية والاستفادة من الإنجازات العلمية والتكنولوجية وغيرها من المجالات. ومن الجانب الصيني قام المديرون وكبار المسؤولين من جامعة اللغات والثقافة الأجنبية ببكين وجامعة شنغهاي للدراسات الدولية وجامعة بكين وجامعة الدراسات الأجنبية ببكين وجامعة تشين هوا وجامعة رن مين (جامعة الشعب) وأكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية وغيرها من الجامعات ومؤسسات الأبحاث بزيارة المملكة في عام 2009م.
وفي نهاية الشهر الحالي سيقام في الرياض المعرض الدولي للتعليم العالي الذي يحظى باهتمام بالغ من الجانب الصيني، حيث سيشارك فيه الوفد الصيني المتكون من مجلس المنح الدراسية الصيني ونحو 20 جامعة صينية.
4) زيادة التبادل الديني. منذ اتخاذ الصين سياسة الإصلاح والانفتاح على الخارج في عام 1978م، ومع ارتفاع مستوى معيشة المسلمين الصينيين باستمرار، يزداد عدد المسلمين الصينيين الذين يسافرون إلى المملكة للقيام بمناسك الحج، وفي عام 2009م، بلغ عدد الحجاج الصينيين إلى المملكة 12.7 ألف شخص، تنتهج الجهات الحكومية الصينية المسؤولة عن الشؤون الدينية سياسة الحج المنظم والمخطط، وتقدم للحجاج الصينيين خدمات الطائرة الخاصة ذهاباً وإياباً والرعاية الطبية والمترجم المرافق لبعثة الحج وغيرها من الخدمات الجيدة، مما لقي ترحيباً من قبل الحجاج الصينيين والتقدير العالي من الجانب السعودي. وفي عام 1998م، تبرع الملك عبدالله 500 ألف دولار أمريكي لكل من الجمعية الإسلامية الصينية والجمعية الإسلامية بمقاطعة شان شي خلال زيارته للصين، كما تبرع جلالته ب5 ملايين دولار أمريكي للجمعية الإسلامية الصينية أثناء زيارته للصين عام 2006م.
5) كثرة الحوار الحضارية. تعتبر المملكة منبع الحضارة الإسلامية، وتبادلت الحضارة الصينية والحضارة الإسلامية الاحترام والاستفادة في مجرى التاريخ الطويل، وساهمت الحضارتان مساهمة بارزة لتطور الحضارة البشرية. ويولي الجانب الصيني اهتماماً بالغاً لإجراء الحوار الحضاري مع المملكة؛ باعتباره قناة مهمة لتعزيز الصداقة والتعارف بين شعبي البلدين. وفي عام 2007م، عقدت في الرياض (الدورة الثانية لندوة العلاقات الصينية - العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية) في إطار (منتدى التعاون بين الصين والدول العربية). إن الجانب الصيني يقدر عالياً مؤتمر الحوار العالمي بين الأديان الذي تم انعقاده في إسبانيا في يوليو عام 2008م بمبادرة الملك عبدالله، حيث أوفد الجانب الصيني الشخصيات الدينية لحضور هذا المؤتمر، كما حضر سعادة السفير تشانغ يه سوي مندوب الصين لدى الأمم المتحدة الجلسة الرفيعة المستوى بموضوع (الثقافة السلمية) والمنعقدة على هامش الدورة الـ63 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمبادرة الجانب السعودي.
وعقب ذلك تحدث عن إنجازات المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها فقال: قبل 79 عاماً أسس الملك الراحل عبدالعزيز المملكة العربية السعودية بعد مشوار امتد 30 عاماً من النضال الباسل بحكمته السياسية البارزة وبعد نظرته الاستراتيجية، مما فتح عهداً جديداً من الازدهار، والتنمية للشعب السعودي. وخلال السنوات الـ79 الماضية، حققت المملكة الإنجازات المشرقة في مختلف المجالات، وفي السنوات الأخيرة لاحظنا بفرح وسرور أن المملكة بفضل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والازدهار الاقتصادي حيث يعيش الشعب السعودي في السعادة والطمأنينة، وتحقق كل الأعمال الاجتماعية تقدماً جديداً، واستفادت المملكة من عائدات النفط الضخمة لتنفيذ عدد كبير من مشاريع البنية التحتية؛ الأمر الذي عاد بمزيد من الخير على الشعب، ودخلت المملكة إلى المرحلة الجديدة من الطفرة الاقتصادية وأصبحت من الدول القليلة التي تمكنت من ردع تداعيات الأزمة المالية الدولية بالنجاح وتحقيق نمو اقتصادها الوطني على النحو المستقر والمتواصل. ويولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله اهتماماً بالغاً للتعليم، ويعمل على تطوير التعليم العالي، حيث ازداد عدد الجامعات في المملكة بشكل ملحوظ، وتقدمت المملكة بخطوة راسخة إلى الأمام في مسيرة خلق المجتمع المعرفي بافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. وجاء إنشاء جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن تطوراً جديداً للتعليم العالي النسائي في المملكة، وساهم برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي في تأهيل عدد كبير من الكفاءات للمملكة.
إن المملكة تعمل بنشاط على حفظ السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وتسعى إلى إيجاد حل عادل ومنصف للقضايا الإقليمية؛ الأمر الذي كسب تقديراً وإعجاباً من قبل المجتمع الدولي. كما تشارك المملكة بصورة فعالة في التعاون الدولي لمواجهة الأزمة المالية الدولية وقضية تغير المناخ، وتلعب دوراً مهماً في مجموعة الـ20 ومجموعة الـ77 زائدة الصين، وقدمت مساهماتها في تسوية المسائل ذات الصلة، فيتزايد ثقل المملكة ومكانتها في الشؤون الدولية باستمرار. وقبل أيام اختارت مجلة (الفوربس) خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الشخصية التاسعة من ضمن 67 شخصية هي الأكثر تأثيراً في العالم؛ تعبيراً عن تقدير المجتمع الدولي لمكانة المملكة في العالم والإنجازات الملحوظة التي حققها الملك عبدالله.
في الوقت الراهن، يمر كل من الصين والمملكة بأحسن مراحل التنمية في التاريخ، وتعيش علاقات الصداقة الاستراتيجية بين البلدين أيضاً أحسن مرحلة التطور في التاريخ. وانطلاقاً من الأوضاع الحالية للبلدين والعلاقات بينهما، تحدونا الثقة الراسخة بزيادة توسيع وتعميق التعاون ذي المنفعة والمصلحة المتبادلة بين الصين والمملكة في جميع المجالات، وتعزيز التواصل والتنسيق بين البلدين في القضايا الدولية والإقلمية المعنية، لأمر يخدم المصالح الأساسية للبلدين ويعود بمزيد من الخير على شعبي البلدين ويساعد على تحقيق السلام الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وتدعيم السلام والتنمية في العالم.
المؤتمر الصحفي
عقب ذلك أجاب معالي السفير عن أسئلة الصحفيين، ومن هذه الأسئلة التي طرحت سؤال ل(الجزيرة) عن نظرة الصين إلى الأحداث التي تعرضت لها المملكة من قبل المتسللين؛ فأجاب السفير قائلاً: الحكومة الصينية تريد السلام والاستقرار لهذا البلد الصديق وتريد أن يعيش في أمان، وما حدث في الإقليم الجنوبي للمملكة ترفضه الصين، وترفض مثل هذه التجاوزات والاعتداءات وتدعو في نفس الوقت إلى سلامة اليمن وأراضيه ووحدته.
وأوضح أن الصين تنظر باهتمام إلى ما تقوم به المملكة من جهد للحفاظ على الأوضاع في اليمن، وأن ما اتخذته المملكة لحماية حدودها وسيادتها حق مشروع لسلامة أراضيها ومواطنيها، مؤكداً أن الصين مستعدة لبذل الجهود دعماً للمملكة وحفاظاً على وحدة اليمن.
وفي سؤال عن التفاوت العسكري بين المملكة والصين أوضح أن الصين ترحب بأي تعاون في هذا المجال من أجل الحفاظ على استقرار وأمن الدول الصديقة للصين.
وفي رده على سؤال لـ(الجزيرة) عن إتاحة الفرصة للاستثمار في الصين أو العكس بالاستثمار في المملكة قال: التعاون موجود ونحن نرحب بالاستثمار السعودي في الصين، مؤكداً أن الاستثمارات بين البلدين جيدة ومتينة وقوية.
وعن سؤال آخر لـ(الجزيرة) حول ما يشتكي منه المستهلك من رداءة بعض السلع الصينية القادمة إلى المملكة أجاب: نحن يوجد لدينا صناعات قوية وسلع ذات جودة عالية وهناك صناعات مستواها غير مرض، ولكن الدور يقع على المستورد السعودي يستطيع أن يستورد مواد جيدة وذات متانة، ولكن بعض المستوردين يفضلون بعض السلع، ونحن سنعمل على تدارك مثل هذه المشكلة من قبل الشركات الصينية والمستوردين وتحسين أمن جودة المنتوجات للحفاظ على الصحة.