أطل بين الحين والآخر على الصفحات الرياضية في صحفنا، وأفتح بين حين وآخر بعض القنوات الرياضية، وأحياناً أتابع بعض الزوايا، وجدت إعلامنا الرياضي يتأرجح بين عبارتي مفقود وموجود. والمفقود في إعلامنا يفوق بمراحل موجوداته، أقصد موجوداته الإيجابية، وهذا مرده إلى ضعف التأهيل لكتاب ومراسلي الصحف إضافة إلى عدم وجود منهجية مهنية لدى تلك الصحف في تدريب منسوبيها على العمل الصحفي بأنواعه المختلفة، فلم نر صحيفة واحدة في المملكة قامت بإنشاء معهد لتدريب منسوبيها وتطوير قدراتهم وأدواتهم المهنية بل على العكس من ذلك قامت بفتح الباب لهم على مصراعيه للعمل بها وممارسة العمل الصحفي الخطير بكل أقسامه وليس في الأقسام الرياضية وحدها دون أي تنقيح أو مراجعة لفكر هؤلاء أو ثقافتهم أو مستوى وعيهم, بل كثير من الصحف رحبت بهؤلاء رغبة في الإثارة الجوفاء التي وللأسف الشديد انعكست على المبيعات وهو ما تسعى إليه كثير من الصحف غير آبهة بما ينشر في داخلها, ومن هنا نجد الفوارق بين الكُتاب ثقافة وطرحاً وعقلانية وعليه كما أسلفت فإن إعلامنا الرياضي يتأرجح بين مفقود وموجود، فالمهنية مفقودة, والحيادية مفقودة، والتأهيل مفقود، والمنطق مفقود, والثقافة مفقودة, والأسلوب والصياغة وترتيب الأفكار مفقودة, والأمانة في أحيانٍ كثيرة مفقودة ومن الطبيعي أن تكون كذلك لأن وجودها يتطلب الوعي والثقافة والشجاعة والعدل وهذا يفتقر إليه كثير من إعلامينا الرياضيين - وما سبق عملية نسبية تلافياً للتعميم - وفي المقابل نجد التعصب موجود والميول الواضحة موجودة والاستفزاز موجود, والركاكة موجودة وضعف اللغة متفشي والانتقاص والانتقائية ظاهرة على السطح وكذلك الإقصاء، ولا أنفي وجود قلة من المحايدين ورائعي الطرح, لكن المصيبة أن الشريحة الأكثر من إعلاميي الصفحات الرياضية يتمتعون وبكل فخر بالحد الأعلى من المفقود وهذا ما نراه مداداً يومياً على تلك الصفحات ومنذ سنوات, على عكس ما نراه سابقاً من وعي وثقافة الكتاب وقدرتهم على إمتاع القارئ صياغة ونقداً وطرحاً في صحفيي الصفحات الرياضية القدامى، وإن كنت لم أوعَ عليهم إلا أن كثيراً من كبار السن المتابعين قد أخذت برأيهم وأخذوا يسردون عليّ مهنية أساتذتي خالد المالك وتركي السديري وعثمان العمير وغيرهم عندما كانوا في الصحافة الرياضية، مقابل هذا لا نرى حالياً إعلاميين بهذا المستوى مع أن بعضهم يكتب منذ عقود وآخرين تسلموا مسؤوليات إعلامية إلا أننا نشم من طرحهم رائحة التعصب حيناً والفوقية حيناً آخر, ناهيك عن الطرح الممل والممجوج ومنهم من ذهب إلى جعل زاويته مجالاً للتهنئة أو التعزية أو المديح لأناس أو مدن وفي مجالات بعيدة عن الرياضة وإلا ما علاقة مهرجان التمور مثلاً بالرياضة؟
أما ذلكم المتعصبون الذين أخذوا على عاتقهم الانتقاد والإساءة إلى الأندية الأخرى مقابل السكوت عن ناديه أو ذلكم الجبناء الذين ينتقدون فلاناً من الناس ويتركون آخر لجاه أو مال! كل هذا أحبتي يجعلنا نطمئن ألا تطور منظور في صحافتنا الرياضية, وأتصور لو تم فتح المجال للنساء في الإعلام الرياضي سيتغير الكثير، وهذا لن يحدث إلا لو تم فتح أبواب مدرجات الملاعب لهن وفق تنظيم مرض ومطمئن حتى للمتشددين، هذه الخطوة التي بدأ الحديث عنها منذ سنوات، وما زلنا ننتظر مُشرعاً أو فقيهاً يعطينا الضوء الأخضر للموافقة، برأيي أن هذه الخطوة صارت ضرورية وهامة ليصدر فيها قرار حاسم دون النظر لآراء المتشددين الرافضين.
www.salmogren.com