Al Jazirah NewsPaper Wednesday  06/01/2010 G Issue 13614
الاربعاء 20 محرم 1431   العدد  13614
 
نحو ضمير فردي وعام
د. فوزية أبو خالد

 

كان المفترض أن يكون مقالي لهذا الأسبوع عن الوضع الشائك بغزة بين الانقسام الفلسطيني الفلسطيني الأخطر في تاريخ هذه القضية الإنسانية العادلة، وبين طوق الحصار السياسي والعسكري والجغرافي الذي لم يعد مصدره العدو الإسرائيلي وحده ولا مشاريع التسويات التي ولدت ميتة فوق وما تحت موائد الاستسلام, غير أن الرياح تغير اتجاه المطر وليس السفن وحسب.

فبعد أن جرى استبعاد مقالي الأسبوع الماضي بعنوان: (اليمن السعيد ليس سعيداً وكذلك دول الجوار), أصابني ما يعرف بفوبيا الكتابة في السياسة من رئيس التحرير تحديداً. هذا وإن كان لابد من أن أتدارك ليس تحسباً من أحد لأكشف أنه طالما نشر لي مقالات في الشأن السياسي وخاصة بعد واقعة الحادي عشر من سبتمبر، بما كانت تحجم عن نشره صحف عربية محسوبة على تيار النقد السياسي والثقافي.

أكتب هذا الكلام ليس من باب تسلية القارئ أو تبرير تغيري أو بالأحرى تأجيل مقالي في الشأن الفلسطيني ولكني أفعل ذلك بين الحين والآخر بتدخيل القراء بيني وبين جرح حافة الورقة ليد الكاتب عن قناعة سيسيولوجية بأن ما يجري في كواليس الكتابة مثل ما يجري في كواليس المسرح أو السياسة قد لا يقل أهمية كمؤشر اجتماعي على اتجاه التحولات وسجالها وتحدياتها عن ما يظهر متماسكاً مستتباً بعد نشر هذا أو ذاك المقال أو النص، سواء كان سياسياً أو أدبياً أو أي فضاءات أخرى.

ففي رأيي الشخصي أن الكتابة فعل حياة، وكما أن الماء والهواء سر الحياة فإن الحرية والضمير سر الكتابة وبهذا المعنى فإنه ليس هناك كتابة إنسانية تستحق الحياة دون شرط الحرية وشرط الضمير.

وبما أن الكتابة ليست مجرد ضمير فردي بل ضمير جمعي أيضاً، فقد قررت أن أكتب عن هذا الموضوع بالذات من عدة لقطات اجتماعية مما يمر بنا يومياً وبعض ما مررت بي شخصياً. والسؤال الذي عليكم أن تجيبوا عنه في نهاية المقال هو: ما العلاقة بين هذه اللقطات في بعدها الاجتماعي، وبين إيقاظ الضمير الفردي والعام؟.

قسم الإعلام للطالبات:

يوم تدشين كرسي جريدة الجزيرة لقسم الإعلام بجامعة الملك سعود قبل عام، بحضور رئيس تحريرها ومعالي مدير الجامعة ود.علي القرني رئيس قسم الإعلام وعدد كبير من الزملاء الصحفيين والأكاديمين وبحضور المفكر العربي الكبير كلوفيس مقصود وجمع كبير من الطلاب، كنا عدداً من النساء على الطرف الآخر نتابع عن بعد في ظل البث التلفزيوني المغلق انطلاقة الحدث. يومها ما أن وصل دور المشاركة الصوتية للنساء في المداخلات والأسئلة إلا ووجدت لحظة تسلمي الميكرفون للحديث بأن رئيس الجلسة يعتذر للمقاطعة، ويعلن بأن مدير الجامعة يغادر القاعة, فما كان مني إلا وطلبت من مدير الجامعة وأنا أكاد أن أستحلفه أن يبقى بضع دقائق ليستمع لمداخلاتنا. لم أرد الانتظار عمراً آخر فسألته من ساعتي متى يصير للطالبات حق في الالتحاق بقسم الإعلام؟!.

وعد الرجل وكان عند وعده بأنه قبل نهاية عام 2009 سيتم افتتاح قسم إعلام للطالبات وهكذا كان.

شاركت صباح يوم الأربعاء الماضي 30 - 12 - 2009 في شرب كؤوس النشوة بتحول حلم افتتاح قسم إعلام للطالبات إلى حقيقة بعد عقود من إنشاء قسم الإعلام للطلاب، بقاعة السيدة خديجة بنت خويلد لمركز الدراسات الجامعية للبنات بعليشة أضاءت ثلاث عشرة شمعة تشكل الدفعة الأولى لطالبات درجة الماجستير بقسم الإعلام الوليد، على أن تتبعها خطوات تستقبل طالبات المرحلة الجامعية في مرحلة لاحقة. كان لقاء مفعم بالأمل، كان يزين اللقاء بنات القسم المستجدات وكان بقية من شاركهن من طالبات الجامعة لتخصصات أخرى وكان حضوراً رمزياً أو فعلياً لعدد من الكاتبات والإعلاميات اللواتي شققن طريقهن في الصخر مع بداية دخول المرأة لحقل الضوء، ومنهن د. خيرية السقاف, أ. نوال بخش, أ. وفاء بكر يونس, د. فوزية البكر, أ. هيام الكيلاني مع باقة أخرى من المضيئات, د. هتون الفاسي, د. وسمية المنصور, أ. فوزية الحربي, أ. سحر رملاوي وأسماء وضيئة أخرى. كانت عميدة المركز د. الجازي الشبيكي بروحها العادلة ورؤاها المجددة ووكيلة كلية الآداب د. نورة النعيم بهدوئها البناء والسيدة التي أوكلت لها بجدارة وتميز مهام تأسيس قسم الإعلام د. عزة عبدالعزيز, وكنتُ.. كنتُ أتأمل نور هذه اللحظة في عتمة الحبر الذي أدمى ونمى أصابعي منذ نعومة العمر وعبر شراسة المشوار, بدعاء أن تتحول هذه الاحتفالية الصغيرة إلى خلية عمل إعلامي منتج في مناخ من حرية التعبير يعيد الاعتبار لصورة المرأة في الإعلام كإنسان آهل راشد قادر على أن يتحلى بضمير فردي وجماعي وبشجاعة الجرأة في الحق.

وعندما جاء دوري لنثر قبلة في الهواء لم يكن ما أضيفه على تجارب الزميلات إلا أن أكشف عن أن يداً واحدة لا تكفي لحمل شرف الكلمة، وأشير إلى ما لا يحصى من الأكف الحرة التي انتحلت أشواقها برضاها لأكتب فرادة صوتي ومشتركات أحلامنا.

مقرر حقوق الإنسان بالجامعات

مرة، قبل أعوام قليلة، استضفت بإحدى محاضراتي د. نورة الجميح؛ ليتعرف الطالبات منها على المفهوم الاجتماعي لحقوق الإنسان في تجربة هيئة حقوق الإنسان بالمجتمع السعودي بإعتبارها عضواً فيها, وقد أكد حماس الطالبات في الاطلاع على آفاق تلك التجربة الوليدة أهمية مثل هذا التفاعل بين الجامعة والمجتمع نحو بناء الضمير الفردي والجمعي معاً. غير أنني كنت قبلها بما يزيد على عقد من الزمان أضمن بعض المقررات التي تعنى بالتنمية المجتمعية أو بتحليل بنى المجتمعات والنظام القيمي والبناء الثقافي لمحة عن حقوق الإنسان, كما كنت أدخل تحليل منظومة حقوق الطفل إلى منهج الدرسات الأسرية. وكان مثل هذا الأمر في ذلك الوقت مثار امتعاض لبعض المعنيين, كما كان مثار متاعب لي رغم أن طرحي لتلك الوثائق الدولية كان ينطلق من موقف سيسيولوجي توعوي ونقدي في نفس الوقت, فإذا بي أقرأ قبل أيام أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تقدمت بمشروع من المتوقع إقراره قريباً من قبل وزارة التعليم العالي بإدراج مقرر حقوق الإنسان في الجامعات، بعد أن وافق عليه المقام السامي. إذن، فلنتفاءل بتقدم الليلة على البارحة.

(مسجات) تثير حس الأسئلة:

تصلني من حين لآخر بعض المسجات - رسائل الجوال التي تثير حس الأسئلة لدي عن سبب كتابتها، وعن سبب إرسالها، حيث أرى أنها لا تكتب لمجرد الدعابة، بل كثيرا ما يكون خلفها مطلب أو على الأقل تكون تعبيراً عن أمنية دفينة. ومما لفت نظري من سيل ما يصلني من مسجات وأود أن تشاركوني في اقتراح احتمالاته:

عاجل لجميع المواطنين بمنح أراض سكنية بالأمر رقم ب19 - 5389 بتاريخ 2 - 1 - 1431هـ. الآن اتصل يرد عليك الجهاز. قم بإدخال اسمك رباعياً ورقم السجل المدني ورقم جوالك، والمحافظة التي ترغب، على أن المنحة تشترط لمن لا يملكون سكناً ملكاً، كما أنها لا تحق إلا لرب الأسرة فقط. تستقبل الطلبات على رقم 014779523.

(وقد أفاد عدد كبير من المواطنين بأنهم قاموا بالاتصال بالرقم أعلاه غير أنه لا يزال للساعة مشغولاً).

وما دام الشيء بالشيء يذكر فيمكن مواصلة الأسئلة إذ وصلتني رسالة موازية نصها: (ساهم في إسكان عائلة محتاجة.. ارسل رسالة فارغة من جوالك إلى الرقم 5040 قيمة الرسالة 10 ريالات)...

أخيراً أثني على رأي أ. عابد خزندار فيما ذهب إليه عند حديثه عن تعويضات التأمينات الاجتماعية بأن أدق مقياس لرفع دخل المواطن هو وجود نسبة وتناسب عادل بين الزيادة وبين معدلات التضخم.

هذا ولا تنسوا سؤال العلاقة بين الضمير الفردي والعام أعلاه.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد